للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المقبري، أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - رفعه: "إذا زَنَى الرجلُ خرج منه الإيمان، فكان عليه كالظلَّة، فإذا أقلع رجع إليه الإيمان".

وأخرج الحاكم من طريق ابن حُجَيرة، أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: "من زنى أو شرب الخمر، نزع الله منه الإيمان كما يَخْلَع الإنسان القميص من رأسه" (١).

وأخرج الطبراني بسند جيّد، من رواية رجل من الصحابة لم يُسَمَّ رفعه: "من زنى خرج منه الإيمان، فإن تاب تاب الله عليه".

وأخرج الطبري من طريق عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه -: "مَثَلُ الإيمان مثل قميص، بينما أنت مُدبر عنه إذ لبسته، وبينما أنت قد لبسته إذ نزعته".

قال ابن بطال: وبيان ذلك أن الإيمان هو التصديق، غير أن للتصديق معنيين: أحدهما: قول، والآخر عمل، فإذا رَكِب المصدِّق كبيرة فارقه اسم الإيمان، فإذا كَفَّ عنها عاد له الاسم؛ لأنه في حال كفِّه عن الكبيرة، مجتنب بلسانه، ولسانه مصدّق عقد قلبه، وذلك معنى الإيمان.

قال الحافظ: وهذا القول قد يُلاقي ما أشار اليه النووي، فيما نقله عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "يُنزع منه نور الإيمان"؛ لأنه يُحْمَل منه على أن المراد في هذه الأحاديث نور الإيمان، وهو عبارة عن فائدة التصديق، وثمرته، وهو العمل بمقتضاه، ويمكن ردّ هذا القول إلى القول الذي رجحه النووي، فقد قال ابن بطال في آخر كلامه، تبعًا للطبري: الصواب عندنا قول من قال: يزول عنه اسم الإيمان، الذي هو بمعنى المدح، إلى الاسم الذي بمعنى الذم، فيقال له: فاسق مثلًا، ولا خلاف أنه يُسَمَّى بذلك ما لم تظهر منه التوبة، فالزائل عنه حينئذ اسم الإيمان بالإطلاق، والثابت له اسم الإيمان بالتقييد، فيقال: هو مصدق بالله ورسوله، لفظًا واعتقادًا، لا عملًا، ومن ذلك الكف عن المحرَّمات.

قال الحافظ: وأظن ابن بطال تَلَقَّى ذلك من ابن حزم، فإنه قال: المعتمد


(١) ضعيف، انظر: "السلسلة الضعيفة" ٣/ ٤٣٤ رقم (١٢٧٤).