تَهُمّه نفسه أن يأتي أهله"، ولابن خزيمة في رواية حميد: "حتى أهم الشابّ القريب الدار الرجوع إلى أهله"، وللبخاريّ في "الأدب" من طريق قتادة: "حتى سألت مَثَاعِب المدينة"، ومَثَاعب جمع مَثْعَب بالمثلثة، وآخره موحَّدة: مَسِيلُ الماء (١).
(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ) ظاهر هذا أن الرجل غير الأول؛ لأن النكرة إذا تكررت دلّت على التعدد، كما قال في السيوطيّ - رحمه الله - في "عقود الْجُمان":
ثُمَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُشْتَهِرَهْ … إِذَا أَتَتْ نَكِرَةٌ مُكَرَّرَهْ
تَغَايَرَا وَإِنْ يُعَرَّفْ ثَانِ … تَوَافَقَا كَذَا الْمُعَرَّفَانِ
شَاهِدُهَا الَّذِي رَوَيْنَا مُسْنَدَا … لَنْ يَغْلِبَ الْيُسْرَيْنِ عُسْرٌ أَبَدَا
وَأَبْطَلَ السُبْكِيُّ ذِي بِأَمْثِلَهْ … وَقَالَ: ذِي قَاعِدَةٌ مُسْتَشْكَلَهْ
قال الجامع عفا الله عنه: قلتُ مجيباً عن استشكال السبكيّ - رحمه الله -:
قُلْتُ وَلَا اسْتِشْكَالَ إِذْ ذِي تُحْمَلُ … عَلَى الَّذِي يَغْلِبُ إِذْ تُسْتَعْمَلُ
وللأجهوريّ - رحمه الله - في هذا المعنى قوله:
وَإِنْ يُعَدْ مُنَكَّرٌ مُنَكَّرَا … فَالثَّانِ غَيْرُ أَوَّلٍ بِلَا مِرَا
وَفِي سِوَى ذَا الثَّانِ عَيْنُ الأَوَلِ … وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةٌ وَهْوَ جَلِي
قُلْتُ وَفِي مُغْنِي اللَّبِيبِ حَكَمَا … بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَا سُلِّمَا
إِذْ قَوْلُهُ فَوْقَ الْعَذَاب أَبْطَلَهْ … وَالصُّلْحُ خَيْرٌ قَدْ أَبَانَ خَلَلَهْ
وَقَوْلُهُ أَيْضاً: وَفِي الَأَرْضِ إِلَهْ … لأَنَّ رَبِي وَاحِدٌ بِلَا اشْتِبَاهْ
قال الجامع: وقلتُ أيضاً معقّباً عليه:
قُلْتُ: يُجَابُ أَنَّ هَذِي الْقَاعِدَهْ … تُبْنَى عَلَى الْغَالِب خُذْهُ فَائِدَهْ
أَوْ قُلْ: إِذَا قَرِينَةٌ لَمْ تَقْتَرِنْ … فَإِنْ بَدَتْ تَصْرِفُهَا فَلْتَسْتَبِنْ
وقال شريك في آخر هذا الحديث هنا: سألت أنساً أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري، قال الحافظ: وهذا يقتضي أنه لم يَجزم بالتغاير، فالظاهر أن القاعدة المذكورة محمولة على الغالب؛ لأن أنساً من أهل اللسان، وقد تعددت.
(١) راجع: "الفتح" ٣/ ٣٦٣ - ٣٦٤.