للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع عند البخاريّ من رواية إسحاق عن أنس: "فقام ذلك الرجل أو غيره"، وكذا لقتادة، وهذا يقتضي أنه كان يشكّ فيه.

ووقع في رواية يحيى بن سعيد: "فأتى الرجل، فقال: يا رسول الله"، ومثله لأبي عوانة، من طريق حفص بن عُبيد الله، عن أنس، بلفظ: "فما زلنا نُمْطَر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى"، وأصله في مسلم.

وهذا يقتضي الجزم بكونه واحداً، فلعل أنساً تذكره بعد أن نسيه، أو نسيه بعد أن كان تذكره، ويؤيد ذلك رواية البيهقيّ في "الدلائل" من طريق يزيد بن أبي عبيد السَّلَميّ، قال: لَمّا قَفَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك أتاه وفد بني فَزَارة بضعة عشر رجلاً، وفيهم خارجة بن حَصْن أخو عيينة، قَدِمُوا على إبل عِجَاف، فقالوا: يا رسول الله، ادعُ لنا ربك أن يغيثنا … فذكر الحديث، وفيه: فقال: "اللهم اسْقِ بلدك وبهيمتك، وانشر بركتك، اللهم اسقنا غَيْثاً مُغِيثاً مَرِيئاً مَرِيعاً طَبَقاً واسعاً عاجلاً غير آجل، نافعاً غير ضارّ، اللهم سُقْيَا رحمة، لا سُقْيا عذاب، اللهم اسقنا الغيث، وانصرنا على الأعداء"، وفيه: قال: فلا والله ما نَرَى في السماء من قَزَعة ولا سحاب، وما بين المسجد وسَلْع من بناء، فذكر نحو حديث أنس بتمامه، وفيه: قال الرجل -يعني الذي سأله أن يستسقي لهم -: هلكت الأموال … الحديث (١).

قال في "الفتح": والظاهر أن السائل هو خارجة المذكور؛ لكونه كان كبير الوفد، ولذلك سُمّي من بينهم، والله أعلم، وأفادت هذه الرواية صفة الدعاء المذكور، والوقت الذي وقع فيه. انتهى (٢).

(وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ، يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِماً) حال من الفاعل (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ) أي: بسببٍ غيرِ السبب الأول، والمراد أن كثرة الماء انقطع المرعَى بسببها، فهَلكت المواشي من عدم الرعي، أو لعدم ما يُكِنّها من المطر، ويدل على ذلك قوله في رواية سعيد المقبريّ، عن شريك، عند النسائيّ: "وهَلَكت الأموال من كثرة الماء".


(١) "دلائل النبوّة" للبيهقيّ - رحمه الله - ٦/ ١٤٣ - ١٤٤.
(٢) "الفتح" ٣/ ٣٦٥.