(وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ) أي: لتعذر سلوك الطرق، من كثرة الماء، وفي رواية حميد، عند ابن خزيمة:"واحتَبَسَ الركبان"، وفي رواية مالك، عن شريك:"تهدّمت البيوت"، وفي رواية إسحاق عند البخاريّ:"هُدِم البناءُ، وغَرِقَ المال".
(فَادْعُ اللهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا) يجوز في "يُمْسكها" الضم والسكون، وعند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ:"أن يمسكها"، والضمير يعود على الأمطار، أو على السحاب، أو على السماء، والعرب تُطلق على المطر سماء، ووقع في رواية سعيد، عن شريك:"أن يمسك عنّا الماء"، وفي رواية أحمد، من طريق ثابت:"أن يرفعها عنّا"، وفي رواية قتادة عند البخاريّ:"فادع ربك أن يحبسها عنا، فضحك"، وفي رواية ثابت:"فتبسم"، زاد في رواية حميد:"لسرعة ملال ابن آدم".
(قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ) تقدّم البحث في رفع اليدين في الدعاء مستوفًى قريباً، فلا تغفُل.
(ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ حَوْلَنَا) منوب على الظرفيّة، لفعل محذوف؛ أي: أنزل حولنا، وفي بعض النسخ: "حوالينا"، وهما صحيحان، قال النوويّ - رحمه الله -: "وحوالينا" بفتح اللام، وفيه حذف تقديره: اجعل، أو أمطر، والمراد به صرف المطر عن الأبنية والدور.
وقوله:(وَلَا عَلَيْنَا) فيه بيان للمراد بقوله: "حوالينا"؛ لأنها تشمل الطرُق التي حولهم، فأراد إخراجها بقوله: "ولا علينا"، قال الطيبيّ - رحمه الله -: في إدخال الواو هنا معنى لطيفٌ، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقياً للآكام، وما معها فقط، ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصوداً لعينه، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر، فليست الواو مُخْلَصَة للعطف، ولكنها للتعليل، وهو كقولهم: تَجُوع الحرّةُ، ولا تأكل بثدييها، فإن الجوع ليس مقصوداً لعينه، ولكن لكونه مانعاً عن الرضاع بأجرة؛ إذ كانوا يَكرهون ذلك أَنَفاً. انتهى.
(اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَام) فيه بيان للمراد بقوله: "حولنا"، والإكام بكسر الهمزة، وقد تُفْتَح، وتُمَدَّ: جمع أَكَمَة بفتحات، قال ابن الْبَرْقيّ: هو التراب