للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعض، وقال الله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] ولو أعتق مذنبًا أجزأ عتقه بإجماع العلماء.

ولهذا يقول علماء السلف في المقدمات الاعتقادية: لا نُكَفر أحدًا من أهل القبلة بذنب، ولا نُخرجه من الإسلام بعمل، وقد ثبت الزنا والسرقة وشرب الخمر على أناس في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يحكم فيهم حُكْمَ مَن كفر، ولا قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين، بل جَلَد هذا، وقطع هذا، وهو في ذلك يستغفر لهم، ويقول: "لا تكونوا أعوان الشيطان على أخيكم"، وأحكام الإسلام كلها مرتبة على هذا الأصل.

[الطرف الثاني]: قول مَن يقول: إيمانهم باق كما كان لم ينقص؛ بناءً على أن الإيمان هو مجرد التصديق، والاعتقاد الجازم، وهو لم يتغير، وإنما نقصت شرائع الإسلام، وهذا قول المرجئة والجهمية ومَن سلك سبيلهم، وهو أيضًا قول مخالف للكتاب والسنة وإجماع السابقين، والتابعين لهم بإحسان، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} [الحجرات: ١٥]، وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} - إلى قوله: - {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ٢ - ٤] وقال: {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} [آل عمران: ١٧٣]، وقال: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: ٤]، وقال: {فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: ١٢٤]، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"، وقال لوفد عبد القيس: "آمركم بالإيمان بالله، أتدرون ما الإيمان بالله؟، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم" (١).

وأجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ومعنى ذلك أنه قول القلب، وعمل القلب، ثم قول اللسان، وعمل الجوارح.

فأما قول القلب: فهو التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويدخل فيه الإيمان بكل ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ثم الناس في هذا على أقسام: منهم مَن صَدَّق به جملةً، ولم يَعْرِف


(١) كلها متّفق عليها.