(ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ كَدَاةٍ مَرْكَبًا) يَحْتَمِل أن يكون مصدرًا ميميّا؛ أي: رُكوبًا، وَيحْتَمِل كونه بمعنى اسم المفعول؛ أي: مركوبًا، وَيحْتَمِل أن يكون منصوبأ على الظرفيّة، بل هذا هو الذي يدلّ عليه السياق؛ أي: مكان رُكوب؛ يعني؛ أنه ركب إلى محلّ أراد فيه قضاء حاجة (فَخَسَفَتِ) من باب ضرب (الشَّمْسُ، قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (فَخَرَجْتُ فِي نِسْوةٍ) أي: معهنّ (بَيْنَ ظَهْرَيِ الْحُجَرِ) وفي نسخة: "بين ظهراني الحجر"، وهو بفتح الظاء المعجمة، والنون على التثنية، و"الْحُجَر" بضمّ الحاء المهملة، وفتح الجيم: جمع حُجْرة بسكون الجيم، قيل: المراد بين ظهر الحجر، والنون والياء زائدتان، وقيل: بل الكلمة كلّها زائدة، والمراد بالْحُجَر بيوت أزواج النبيّ" (١).
وقولها:(فِي الْمَسْجِدِ) الظاهر أن "في" بمعنى "وإلى"، في قوله تعالى:{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ}[إبراهيم: ٩]، ومتعلّقة بـ "خرجنا" (فَأتى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَرْكَبِهِ) أي: محلّ ركوبه (حَتَّى انْتَهَى إِلَى مُصَلَّاهُ) أي: محلّ وقوفه في حال الصلاة (الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ) فيه أن السنّة في صلاة الكسوف أن تصلّى في المسجد بخلاف الاستسقاء، فإنها في الصحراء، كما سبق في بابه (فَقَامَ، وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ قِيَامًا طَويلًا، ثُمَّ رَكَعَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعِ) وفي نسخة: "دون الركوع الأول" (ثُمَّ رَفَعَ) أي: رأسه، زاد في رواية النسائيّ: "ثم سجد، ثم قام الثانية، فصنع مثل ذلك، إلَّا أن ركوعه، وقيامه دون الركعة الأولى، ثم سجد، وتجلّت الشمس" (وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: "إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ) وفي رواية النسائيّ: "فلما انصرف قعد على المنبر، فقال فيما يقول: إن الناس يُفتنون في قبورهم"(كفِتْنَةِ الدَّجَّالِ") أي: فتنة شديدة جدًّا، وامتحانًا هائلًا، مثل فتنته، ولكن {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}[إبراهيم: ٢٧].