للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعناه: تضطرب، وتتحرّك، ولا تثبت على حالة واحدة، كذا في "النهاية"، وقال في "الفتح": القعقعة صوت الشيء اليابس إذا حُرّك، والجملة في محلّ نصب على الحال من "الصبيّ".

وقال القرطبيّ: قال الهرويّ: يقال: تقعقع الشيء: إذا اضطرب وتحرّك، ويقال: إنه ليتقعقع لَحْياه من الكِبَر، وقال غيره: القعقعة هنا صوت النفَس، وحشرجة الصدر، ومنه قعقعة الجلود والترسة والأسلحة، وهي أصواتها. انتهى (١).

(كَأَنَّهَا) أي: نفسه (في شَنَّةٍ) بفتح المعجمة، وتشديد النون: القِرْبة الخَلَقَة اليابسة، شبّه البدن بالجلد اليابس الخَلَق، وحركةَ الروح فيه بما يُطرح في الجلد من حصاة ونحوها، ووقع في رواية عند البخاريّ: "حسبتُ كأنها شنّ"، وعلى هذا، فكأنه شبّه النفس بنفس الجلد، وهوأبلغ في الإشارة إلى شدة الضعف، وذلك أظهر في التشبيه، أفاده في "الفتح".

(فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) أي: سالت بالدموع عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فَقَالَ لَهُ سَعْذ) أي: ابن عبادة المتقدّم، ووقع في رواية ابن ماجه من طريق عبد الواحد: "فقال عبادة بن الصامت"، والصواب ما في "الصحيح"، قاله في "الفتح" (مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟) أي: أيّ شيء هذا البكاء الذي نشاهده منك؟، وفي رواية للبخاريّ: "فقال سعد بن عبادة: أتبكي؟ "، وزاد أبو نعيم في "المستخرج": "وتنهى عن البكاء".

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "ففاضت عيناه، فقال له سعد: ما هذا؟ … إلخ": معناه: أن سعدًا - رضي الله عنه - ظنّ أن جميع أنواع البكاء حرام، وأن دمع العين حرامٌ، وظنّ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نسي، فذكّره، فأعلمه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن مجرّد البكاء، ودمع العين، ليس بحرام، ولا مكروه، بل هو رحمة، وفضيلة، وإنما المحرّم النوح، والندب، والبكاء المقرون بهما، أو بأحدهما. انتهى (٢).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("هَذِه رَحْمَةٌ) أي: الدمعة التي تشاهدونها أثر رحمة من الله


(١) "المفهم" ٢/ ٥٧٥.
(٢) "شرح النووي" ٦/ ٢٢٥ - ٢٢٦.