للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على أسلوب الحكيم، كأنه قال لها: دعي الاعتذار إليّ، فإن من شيمتي أن لا أغضب إلا لله، وانظري إلى تفويتك من نفسكِ الثواب الجزيل، والكرامة، والفضل من الله تعالى بالجزع وعدم الصبر عند فجأة الفجيعة. انتهى (١).

وقال الزين ابن الْمُنَيِّر رحمه الله: فائدة جواب المرأة بذلك، أنها لما جاءت طائعةً لما أمرها به من التقوى والصبر، معتذرةً عن قولها الصادر عن الحزن، بَيَّن لها أن حقّ هذا الصبر أن يكون في أول الحال، فهو الذي يترتب عليه الثواب. انتهى.

ويؤيد هذا أن في رواية أبي هريرة المذكورة: "فقالت: أنا أصبر، أنا أصبر"، وفي مرسل يحيى بن أبي كثير المذكور: "فقال: اذهبي إليك، فإن الصبر عند الصدمة الأولى"، وزاد عبد الرزاق فيه من مرسل الحسن: "والْعَبْرَة لا يملكها ابن آدم"، قاله في "الفتح" (٢).

[تنبيه]: أورد البخاريّ رحمه الله هذا الحديث في "باب زيارة القبور"، مع احتمال أن تكون المرأة المذكورة تأخرت بعد الدفن عند القبر، والزيارة إنما تُطلَق على من أنشأ إلى القبر قصدًا من جهة استواء الحكم في حقها، حيث أمرها بالتقوى والصبر لَمّا رأى من جَزَعها، ولم ينكر عليها الخروج من بيتها، فدلّ على أنه جائزٌ، وهو أعم من أن يكون خروجها لتشييع ميتها، فأقامت عند القبر بعد الدفن، أو أنشأت قصد زيارته بالخروج بسبب الميت، قاله في "الفتح"، وسيأتي حكم زيارة القبور في أواخر أبواب الجنائز- إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٤١٩.
(٢) "الفتح" ٤/ ٢٥ - ٢٦.