للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْقَلِيبِ) بفتح القاف، وكسر اللام: البئر، وهو مذكَّرٌ، قال الأزهريّ: القَلِيب عند العرب: البئر العاديّة القديمة مطويّة كانت، أو غير مطويّة، والجمع قلُبٌ، مثلُ بَرِيدٍ وبُرُدٍ (١). (يَوْمَ بَدْرٍ) أي: في غزوة بدر الكبرى، وهو موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب، ويقال: هو منها على ثمانية وعشرين فرسخًا، على منتصف الطريق تقريبًا، وعن الشعبيّ أنه اسم بئر هناك، قال: وسُمِّيت بدرًا؛ لأن الماء كان لرجل من جهينة اسمه بدر، وقال الواقديّ: كان شيوخ غفار يقولون: بدرٌ ماؤنا ومنزلنا، وما ملكه أحدٌ قبلنا، وهو من ديار غفار. انتهى (٢).

وكانت غزوة بدر يوم الجمعة في سابع عشر رمضان من السنة الثانية من الهجرة، وقيل: كانت يوم الاثنين، والأول أصحّ.

(وَفِيهِ) أي: في ذلك القَلِيب (قَتْلَى بَدْرٍ) جمع قيل (مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ) أي: الكلام الذي كلّمهم به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وذلك قوله: "يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان؛ أيسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا إلخ".

أخرج الشيخان عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أن رسول الله ترك قتلى بدر ثلاثًا، ثم أتاهم، فقام عليهم، فناداهم، فقال: "يا أبا جهل بن هشام، يا أمية بن خلف، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا"، فسمع عمر قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، كيف يسمعوا؟، وأنى يُجيبوا؟، وقد جَيَّفوا، قال: "والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا"، ثم أمر بهم، فسُحِبوا فألقوا في قليب بدر.

("إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أَقُولُ"، وَقَدْ وَهِلَ) أي: أخطأ ابن عمر في هذا، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يقل: "إنهم ليسمعون ما أقول"، و (إِنَّمَا قَالَ: "إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ) وفي نسخة: "ليعلمون الآن" (أَنَّ مَا كنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ) تعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أخبر بعلمهم بحقيّة ما كان يدعوهم إليه، لا بسماعهم قوله في ذلك الوقت، وهذا


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٢.
(٢) "المصباح" ١/ ٣٨.