للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وظاهره جعل الكافور في الماء، وبه قال الجمهور، وقال النخعيّ، والكوفيّون: إنما يجعل في الحنوط؛ أي: بعد إنهاء الغسل والتجفيف، قاله في "الفتح".

وعبارة ابن الملقّن: انفرد أبو حنيفة، فقال: لا يستحبّ استعمال الكافور، وخالفه الثلاثة والجمهور، وهذا الحديث حجة عليه، وروي عن النخعيّ: إنما ذلك في الحنوط، لا في الغسل، وعزاه القرطبيّ إلى الأوزاعيّ، ويمكن أن يتأول من قال هذا "في الأخيرة"؛ أي: بعد تمامها، والظاهر بخلافه. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذه الأقوال كلها يردُّها ظاهر الحديث، كما أشار إليه ابن الملقّن، فالصواب مشروعية استعمال الكافور في المرة الأخيرة من الغسلات، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قيل: الحكمة في الكافور مع كونه يُطيّب رائحة الموضع لأجل من يحضر من الملائكة وغيرهم، أن فيه تجفيفًا، وتبريدًا، وقوّة نفوذ، وخاصيّةً في تصليب بدن الميت، وطرد الهوامّ عنه، وردع ما يتحلل من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إليه، وهو أقوى الأراييح الطيّبة في ذلك، وهذا هو السرّ في جعله في الأخيرة؛ إذ لو كان في الأولى مثلًا لأذهبه الماء.

وهل يقوم المسك مثلًا مقام الكافور؟ إن نُظِر إلى مجرّد التطييب، فنعم، وإلا فلا، وقد يقال: إذا عُدم الكافور قام غيره مقامه، ولو بخاصيّة واحدة مثلًا، قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أن غير الكافور لا يقوم مقامه، عند وجوده، بل يجب استعماله، لأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك، حيث قال: "واجعلن في الآخرة كافورًا"، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا فَرَغْتُنَّ) أي: من غسلها على الكيفية المذكورة، والخطاب لجماعة الإناث (فَآذِنَّنِي") أي: أعلمنني، وهو بمد الهمزة، وتشديد النون الأولى فعل أمر من الإيذان، وهو الإعلام، قال السنديّ: ويَحْتَمِل أن يُجعل من التأذين، والمشهور الأول. انتهى. (فَلَمَّا فَرَغْنَا، آذَنَّاهُ) أي: أعلمناه بفراغنا من الغسل المذكور (فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ) بفتح الحاء المهملة -ويجوز كسرها، وهي لغةُ هُذيل-