في قصة مُصعب بن عُمير -رضي الله عنه-، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في عدد كفن المرأة:
قال الإمام ابن المنذر رَحِمَهُ اللهُ: اختلفوا في عدد كفن المرأة، فقال كثيرون: تكفّن المرأة في خمسة أثواب، كذلك قال النخعيّ، والشعبيّ، ومحمد بن سيرين، وبه قال الأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، قال: وكذلك نقول، يكون درع، وخمار، ولفافتان، وثوب لطيف، يُشَدّ على وسطها، يَجمع ثيابها.
وكان عطاء يقول: تكفّن في ثلاثة أثواب: درع، وثوب تحت الدرع تُلَفّ به، وثوب تلفّ فيه، وقال سليمان بن موسى: درع، وخمار، ولفافة تُدرَج فيها. انتهى.
وقال الحافظ ولي الدين رَحِمَهُ اللهُ: قال الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والحنابلة، وغيرهم: يُستحبّ تكفين المرأة في خمسة أثواب، ففرّقوا بينها وبين الرجال؛ لأنها تزيد في حياتها على الرجال في الستر؛ لزيادة عورتها، فكذلك بعد الموت.
وفي "سنن أبي داود" ما يدلّ على ذلك في تكفين أم كلثوم بنت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لكن قال الشافعيّة: ليست الخمسة في حقّ المرأة كالثلاثة في حقّ الرجل حتى نقول يخيّر الورثة، كما يخيّرون على الثلاثة، وقال المالكية: الزيادة على الثلاثة إلى الخمسة مستحبّة للرجال والنساء، وهي في حقّهنّ آكد.
وقال أحمد بن حنبل في الجارية إذا لم تبلغ: تكفّن في لفافتين، وقميص، لا خمار فيه، وظاهر هذا أنها لا تصير كالمرأة في الكفن إلا بعد البلوغ، ورَوَى عنه أكثر أصحابه أنها إذا كانت بنت تسع سنين يُصنع بها ما يصنع بالمرأة.
واختلف العلماء في الأثواب الخمسة التي تكفّن بها المرأة، فحُكي عن الشافعي في الجديد أنها إزار، وخمار، وثلاث لفائف، وعن القديم: إزار، وخمار، وقميص، ولفافتان، وذكر الرافعيّ أن هذه المسألة مما يُفتى فيه على القديم، وأنه الأظهر عند الأكثرين، وحكى النوويّ عن الشيخ أبي حامد،