العلماء: المشي قُدّامها أفضل، وقال الثوريّ وطائفة: هما سواء، قال القاضي عياض: وفي إطلاق هذا الحديث وغيره إشارة إلى أنه لا يَحتاج المنصرف عن اتباع الجنازة بعد دفنها إلى الاستئذان، وهو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم، وهو المشهور عن مالك، وحَكَى ابن عبد الحكم عنه أنه لا ينصرف إلا بإذن، وهو قول جماعة من الصحابة. انتهى (١).
(قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟) لم يُبَيَّن القائل، ولا المقول له في هذه الرواية، ولا في الرواية الآتية بعد حديثين، وقد بُيِّن المقول له في حديث ثوبان الآتي، ولفظه:"سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن القيراط، فقال: مثل أحد"، وبُيِّن القائل في رواية أبي عوانة من طريق أبي مزاحم، عن أبي هريرة، ولفظه:"قلت: وما القيراط يا رسول الله؟ "، وسيأتي في الحديث الخامس أن أبا حازم أيضًا سأل أبا هريرة - رضي الله عنه - عن ذلك.
فتبيّن بهذا أن القائل في قوله هنا:"قيل: وما القيراطان؟ " هو أبو هريرة، والمجيب هو النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد وقع أيضاً سؤال أبي حازم لأبي هريرة - رضي الله عنه -، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: وقع في "الفتح" بأنه وقع عند مسلم في رواية الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: "قيل: وما القيراطان يا رسول الله؟ " ببيان المقول له، لكني لم أجد هذا في النسخ التي بين يديّ، ولعل الحافظ - رحمه الله - وجد نسخة صرّحت بذلك، فليُنظَر، والله تعالى أعلم.
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ") خبر لمحذوف؛ أي: هما مثل الجبلين العظيمين، والجبل العظيم فُسّر في الرواية الآتية، ولفظه:"كلّ قيراط مثلُ أُحد"، وفي لفظ:"وما القيراطان"؟ قال:"أصغرهما مثل أُحد"، وللنسائيّ:"فله قيراطان من الأجر، كل واحد منهما أعظم من أُحد"، ولابن ماجه من حديث أبيّ بن كعب:"القيراط أعظم من أُحد هذا"، ولابن عديّ من