حديث واثلة:"كُتب له قيراطان من أجر، أخفهما في ميزانه يوم القيامة أثقل من جبل أُحد"، فأفادت هذه الروايات بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المرتّب على ذلك العمل، أفاده الحافظ - رحمه الله -.
وقال السنديّ في "شرح النسائيّ" عند قوله: "كان له من الأجر قيراط": وهو عبارة عن ثواب معلوم عند الله تعالى، عُبّر عنه ببعض أسماء المقادير، وفُسّر بجبل عظيم، تعظيماً له، وهو أحد - بضمتين - وَيحْتَمِل أن ذلك العمل يتجسّم على قدر جِرْم الجبل المذكور، تثقيلاً للميزان. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الثاني يردّه قوله: "من الأجر"، فإنه صريح في أن الذي يكون مثل أحد هو الأجر نفسه، فالأولى أن الأجر يُجسّد، فيوضع في الميزان، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
وقال النوويّ - رحمه الله -: القيراط مقدار من الثواب معلوم عند الله تعالى، وهذا الحديث يدلّ على عِظَم مقداره في هذا الموضع، ولا يلزم من هذا أن يكون هذا هو القيراط المذكور في حديث:"من اقتَنَى كلباً إلا كلب صيد، أو زرع، أو ماشية، نَقَصَ من أجره كل يوم قيراط"، وفي روايات:"قيراطان"، بل ذلك قدر معلوم، ويجوز أن يكون مثل هذا، وأقلّ، وأكثر. انتهى (١).
وقوله:(انْتَهَى حَدِيثُ أَبِي الطَّاهِرِ) يعني أن حديث شيخه أبي الطاهر هذا تمامه ونهايته.
وقوله:(وَزَادَ الْآخَرَانِ) يعني شيخه حرملة بن يحيى، وهارون بن سعيد، فـ "الآخران" مرفوع على الفاعليّة، وقوله:(قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) مفعول به لـ"زاد" محكيّ؛ لقصد لفظه (قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنهم - (يُصَلِّي عَلَيْهَا)؛ أي: على الجنازة (ثُمَّ يَنْصَرِفُ)؛ أي: يرجع إلى أهله، ولا يتبعها، ويكون معها حتى تدفن؛ لعدم علمه بالسنّة (فَلَمَّا بَلَغَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - هذا، وهو قوله:"ومن شَهِدها حتى تُدفن، فله قيراطان"(قَالَ) متأسّفاً على ما فوّته من الأجر الكثير، وذلك بعد إرساله إلى عائشة - رضي الله عنهما -،