٤ - (ومنها): تقدير الأعمال بنسبة الأوزان، إما تقريباً للأفهام، وإما على حقيقته.
٥ - (ومنها): أن في قصة أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكورة في هذا الحديث دلالةً على تَمَيُّزه - رضي الله عنه - في الحفظ، وقد حصل له ذلك بدعوة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج الشيخان من حديث - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه، قال:"ابسط رداءك"، فبسطته، قال فغرف بيديه، ثم قال:"ضُمَّهُ" فضممته، فما نسيت شيئاً بعده.
وأخرجا أيضاً عنه قال: يقولون: إن أبا هريرة يُكثر الحديث، واللهُ الْمَوْعِدُ، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدّثون مثل أحاديثه؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يَشْغَلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرءاً مسكيناً، ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مِلْء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوماً:"لن يبسط أحد منكم ثوبه، حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره، فينسى من مقالتي شيئاً أبداً"، فبسطت نَمِرَةً ليس علي ثوب غيرها، حتى قضى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدثتكم شيئاً أبداً:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إلى قوله: {الرَّحِيمُ}[البقرة: ١٥٩، ١٦٠].
٦ - (ومنها): أن فيها دلالة على فضيلة ابن عمر - رضي الله عنهما - من حرصه على العلم، والعمل الصالح.
٧ - (ومنها): أن إنكار العلماء بعضهم على بعض قديم.
٨ - (ومنها): أن فيها استغراب العالم ما لم يصل إلى علمه.
٩ - (ومنها): عدم مبالاة الحافظ بإنكار من لم يحفظ.
١٠ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من التثبّت في الحديث النبويّ، والتحرّز فيه، والتنقيب عليه.
١١ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من الرغبة في الطاعات حين يبلغهم، والتأسّف على ما فاتهم منها، وإن كانوا لا يعلمون عِظَم موقعه.