للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يأت عن أحد من الصحابة منعه، وسيأتي تمام البحث فيه، وأن الراجح جوازه في المسألة السابعة -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في حكم نعي الميت:

قال الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه": "باب الرجل يَنْعَى إلى أهل الميت بنفسه". انتهى.

فقال في "الفتح " بعد ذكر ما يتعلّق بالترجمة ما نصه: وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعاً كله، وإنما نُهي عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يُعلنُ بخبر موت الميت على أبواب الدُّور والأسواق.

وقال ابن المرابط: مراده أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح، وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله، لكن في تلك المفسدة مصالح جمّة؛ لما يترتّب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته، وتهيئة أمره، والصلاة عليه، والدعاء له، والاستغفار، وتنفيذ وصاياه، وما يترتّب على ذلك من الأحكام.

وأما نعي الجاهلية، فقال سعيد بن منصور: أخبرنا ابن عُليّة، عن ابن عون، قال: قلت لإبراهيم: أكانوا يكرهون النعي؟ قال: نعم، قال ابن عون: كانوا إذا تُوُفي الرجل ركب رجل دابّة، ثم صاح في الناس: أنعى فلانًا. وبه إلى ابن عون قال: قال ابن سيرين: لا أعلم بأسًا أن يُؤذِن الرجل صديقه وحميمه. وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يكره، فإن زاد على ذلك فلا.

وقد كان بعض السلف يشدّد في ذلك حتى كان حذيفة -رضي الله عنه- إذا مات له الميت يقول: لا تؤذنوا به أحدًا، إني أخاف أن يكون نعيًا، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأذنيّ هاتين ينهى عن النعي، أخرجه الترمذيّ، وابن ماجه بإسناد حسن.

قال ابن العربي رحمه الله: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:

[الأولى]: إعلام الأهل والأصحاب، وأهل الصلاح، فهذا سنة.

[الثانية]: دعوة الْحَفْل للمفاخرة، فهذه تكره.