[الثالثة]: الإعلام بنوع آخر، كالنياحة، ونحو ذلك، فهذا يحرم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: إن نعي الميت، على نوعين:
[أحدهما]: محرّم، وهو ما كان لغير غرض دينيّ، مثل نعي الجاهليّة المشتمل على ذكر مفاخر الميت، ومآثره، وإظهار التفجّع عليه، وعظام حال موته، فهذا النوع هو محمل ما ورد من النعي.
[الثاني]: ما كان لغرض صحيح دينيّ، كتكثير المصلّين عليه؛ تحصيلًا لدعائهم، وتتميمًا للعدد الذي وُعِد بقبول شفاعتهم في الميت، كالمائة، أو الأربعين، أو لتشييعه، وقضاء حقّه في ذلك، وقد ثبت في معنى ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "هلا آذنتموني به"، ونعيه -صلى الله عليه وسلم- أهل مؤتة، جعفرًا، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، وكنعيه النجاشيّ في هذا الحديث، فهذا النوع جائز، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، واليه المرجع والمآب.
(المسألةالخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم الصلاة على الميت:
قال الحافظ أبو عمر رحمه الله ما حاصله: اختلف العلماء في حكم الصلاة على الجنائز، فقال أكثرهم: هي فرض على الكفاية، يسقط وجوبها بمن حضرها عمن لم يحضرها، وقال بعضهم: هي سنة واجبة على الكفاية.
وقال أيضًا: وفي صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على النجاشي؛ إذ لم يصلّ عليه أحد من قومه، وأمره -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالصلاة عليه معه دليل على تأكيد الصلاة على الجنائز، وعلى أنه لا يجوز أن تترك الصلاة على مسلم مات، ولا يجوز دفنه دون أن يصلّى عليه لمن قدر على ذلك.
وعلى هذا جمهور علماء المسلمين، من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، من فقهاء الأمصار، إلا أنهم اختلفوا في الصلاة على الشهداء، وعلى البغاة، وعلى أهل الأهواء، لمعان مختلفة متباينة، على ما نذكره في مواضعه، إن شاء الله تعالى.