للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز ترك الصلاة على المسلمين المذنبين من أجل ذنوبهم، وإن كانوا أصحاب كبائر. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله ببعض تصرّف (١).

وقال العلامة القرطبيّ رحمه الله: فيه- أي في قوله: "فقوموا، فصلوا عليه"- في ليل على وجوب الصلاة على الميت المسلم، وهو المشهور من مذاهب العلماء أنه واجب على الكفاية، ومن مذهب مالك، وقيل عنه: إنه سنة مؤكدة. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: الصلاة على ميت فرض كفاية بلا خلاف عندنا، وهو إجماع، والمرويّ عن بعض المالكية مردود. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بهذا أن الصلاة على الميت المسلم، وكذا المسلمة فرض على الكفاية، لصحة الأدلة الواردة في ذلك، كحديث الباب، والأحاديث الأخرى الصحيحة في صلاته -صلى الله عليه وسلم- على الأموات، وأجمع على ذلك أهل العلم، فلا اختلاف بينهم في ذلك، إلا ما نُقل عن مالك، وهو مردود، كما بيّنه النوويّ رحمه الله آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في المراد بالصلاة على الميت:

[اعلم]: أن المراد بالصلاة هنا هي الصلاة المعهودة الشرعيّة، لا الصلاة اللغويّة التي هي الدعاء، كما زعم بعضهم، وقد أشار الإمام البخاريّ رحمه الله إلى الردّ على هذا الزعم، فبوّب له في "صحيحه"، فقال: "باب سنّة الصلاة على الجنائز"، وقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من صلّى على الجنازة"، وقال: "صَلّوا على صاحبكم"، وقال: "صلّوا على النجاشيّ"، سمّاها صلاةً، ليس فيها ركع، ولا سجود، ولا يُتكَلَّم فيها، وفيها تكبير وتسليم، وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهرًا، ولا يصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها، ويرفع يديه، وقال الحسن: أدركت الناس، وأحقّهم على جنائزهم مَن رَضُوه لفرائضهم، وإذا


(١) "الاستذكار" ٧/ ٢٣٦ - ٢٣٨.
(٢) "المفهم " ٢/ ٦٠٩.
(٣) "المجموع شرح المهذّب" ٥/ ١٦٩.