وجماعة، قد صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النجاشي-رضي الله عنه-، ومات بأرض الحبشة، وصلى معه أصحابه عليه صفوفاً، وهذا إجماع منهم، لا يجوز تعدّيه. انتهى (١).
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: الصلاة على الميت دعاء له، فكيف لا يُدعَى له، وهو غائب، أو في القبر؟.
وذهبت الحنفيّة، والمالكية إلى أنه لا تشرع الصلاة عليه مطلقًا.
وذهب بعض أهل العلم: إنما يجوز ذلك في اليوم الذي يموت فيه، أو ما قرب منه، لا إذا طالت المدة، حكاه ابن عبد البرّ.
وذهب ابن حِبّان إلى أنه إنما يجوز ذلك لمن كان في جهة القبلة، قال المحبّ الطبريّ: لم أر ذلك لغيره.
واعتذر من لم يقل بالصلاة على الغائب عن قصة النجاشيّ باعذار، منها أنه كان بأرض لم يصلّ عليه بها أحد، ومن ثمّ قال الخطابيّ: لا يُصلى على الغائب إلا إذا وقع موته بارض، ليس فيها من يصلي عليه، واستحسنه الرويانيّ، وترجم بذلك أبو داود في "السنن"، فقال:"باب الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر"، قال الحافظ: وهذا مُحْتَمِل إلا أنني لم أقف في شيء من الأخبار أنه لم يصلّ عليه في بلده أحد. انتهى.
وممن اختار هذا التفصيل شيخ الإسلام ابن تيميّة، والمقبليّ، واستدلّ له بما أخرجه الطيالسيّ، وأحمد، وابن ماجه، وابن قانع، والطبرانيّ، والضياء المقدسيّ، عن أبي الطفيل، عن حُذيفة بن أَسِيد، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" إن أخاكم مات بغير أرضكم، فقوموا، فصلّوا عليه".
ومن الأعذار قولهم: كُشف له -صلى الله عليه وسلم- حتى رآى، فيكون حكمه حكم الحاضرين بين يدي الإمام الذي لا يراه المؤتمون، ولا خلاف في جواز الصلاة على من كان بمذلك.
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: هذا يحتاج إلى نقل، ولا يثبت بالاحتمال.
وتعقّبه بعض الحنفية بان الاحتمال كافٍ في مثل هذا من جهة المانع.