قال الحافظ: وكان مستند القائل بذلك ما ذكره الواحديّ في أسباب النزول بغير إسناد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال:"كُشف للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن سرير النجاشيّ، حتى رآه، وصلى عليه"، ولابن حبّان من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما-: "فقاموا، وصفّوا خلفه، وهم لا يظنّون إلا أن جنازته بين يديه"، ولأبي عوانة من طريق أبان وغيره، عن يحيى:"فصلينا خلفه، ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قُدّامنا".
ومن الأعذار أن ذلك خاصّ بالنجاشي؛ لأنه لم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى على ميت غائب غيره.
وتعقّب بأنه -صلى الله عليه وسلم- صلى على معاوية بن معاوية الليثيّ، وهو مات بالمدينة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذ ذاك بتبوك، ذكر ذلك في "الاستيعاب".
وروي أيضًا عن أبي أمامة الباهليّ مثل هذه القصّة في حقّ معاوية بن مقرّن.
وأخرج مثلها أيضًا عن أنس في ترجمة معاوية بن معاوية المزنيّ، ثم قال بعد ذلك: أسانيد هذه الأحاديث ليست بالقويّة، ولو أنها في الأحكام لم يكن شيء منها حجة.
وقال الحافظ في "الفتح"، متعقّبا لمن قال: إنه لم يصلّ على غير النجاشيّ، قال: وكأنه لم يثبت عنده قصّة معاوية بن معاوية الليثيّ، وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قويّ بالنظر إلى مجموع طرقه. انتهى.
وقال الذهبيّ: لا نعلم في الصحابة معاوية بن معاوية، وكذلك تكلّم فيه البخاريّ.
وقال ابن القيّم: لا يصحّ حديث صلاته -صلى الله عليه وسلم- على معاوية بن معاوية؛ لأن في إسناده العلاء بن يزيد، قال ابن المدينيّ: كان يضع الحديث.
وقال النوويّ رحمه الله مجيبًا عمن قال بأن ذلك خاصّ بالنجاشي: إنه لو فُتح باب هذا الخصوص لانسدّ كثير من ظواهر الشرع، مع أنه لو كان شيء مما ذكروه لتوفّرت الدواعي إلى نقله. انتهى.
وقال ابن العربيّ رحمه الله: قال المالكيّة: ليس ذلك إلا لمحمد -صلى الله عليه وسلم-.
قلنا: وما عمل به محمد -صلى الله عليه وسلم- تعمل به أمته -يعني لأنه الأصل عدم الخصوص-.