وأما حديث أبي أمامة، ففيه نوح بن عُمرو السكسكيّ، قال ابن حبان: إنه سرق هذا الحديث، وفيه بقية المذكور أيضًا.
فقد تبيّن لك مما سقناه من كلام أهل العلم على أسانيدها، وبيانهم شدة ضعفها أنها غير صالحة للاحتجاج بها.
وقد تعب صاحب "عون المعبود" في الكلام عليها، وحاول أن يقويها، فلم يأت بشيء له طائل، فتأمله بإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[فائدة]: قال في "الفتح": أجمع كلّ من أجاز الصلاة على الغائب أن ذلك يُسقط فرضَ الكفاية، إلا ما حُكي عن ابن القطّان، أحد أصحاب الوجوه من الشافعيّة أنه قال: يجوز، ولا يُسقط الفرض. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في عدد التكبيرات على الجنازة:
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: اختلفوا في عدد التكبيرات على الجنائز على أقوال:
(الأول): يكبّر ثلاثًا، وهو قول ابن عباس، وأنس بن مالك، وجابر بن زيد، وقال محمد بن سيرين: إنما كان التكبير ثلاثًا، فزادوا واحدًا.
(الثاني): يكبّر أربعًا، هذا قول أكثر أهل العلم، وممن قال به عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وابن أبي أوفى، وابن عمر، والحسن بن عليّ، والبراء بن عازب، وأبو هريرة، وعقبة بن عامر، ومحمد ابن الحنفية، وعطاء بن أبي رباح، وسفيان الثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
(الثالث): يكبّر خمسًا، هذا قول ابن مسعود، وزيد بن أرقم، وروي ذلك عن الضحّاك بن مزاحم.
(١) "الفتح" ٣/ ٥٤٥، كتاب الجنائز، باب الصفوف على الجنائز.