للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما كان زيد يختاره، والدليل على ذلك حديث عمر -رضي الله عنه-:

حدّثنا موسى بن هارون، قال: ثنا أبي، قال: ثنا يزيد بن هارون، ووهب بن جرير، قالا: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال عمر: كل ذلك قد كان، خمس، وأربع، فجمع الناس على أربع. وقال وهب في حديثه: فأمر الناس بأربع (١).

والأخبار التي رويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كبّر أربعًا أسانيدها جياد صحاح، لا عفة لشيء منها. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله باختصار وتصرّف (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أن الأولى أن يكبّر أربعًا، لورود الأدلّة بذلك، وثبوتها ثبوتًا متواترًا، من طرق جماعة من الصحابة: أبي هريرة، وابن عباس، وجابر، وعقبة بن عامر، والبراء بن عازب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وغيرهم -رضي الله عنهم-، وإن كبّر خمسًا، جاز؛ لثبوته من حديث ابن أرقم -رضي الله عنه-، أخرجه مسلم في "صحيحه " في الباب التالي.

وأما قول ابن عبد البرّ: وانعقد الإجماع بعد ذلك على أربع، وأجمع الفقهاء، وأهل الفتوى بالأمصار على أربع، على ما جاء في الأحاديث الصحاح، وما سوى ذلك عندهم فشذوذ، لا يلتفت إليه. انتهى.

فدعوى باطلة، فإن الخلاف في ذلك معروف بين الصحابة ومن بعدهم، وقد استوعب اختلاف الصحابة، فمن بعدهم، أبو بكر بن المنذر -رحمه الله-، في كتابه "الأوسط" [٥/ ٤٢٩ - ٤٣٥]، كما أسلفنا عنه بعض كلامه، وأبو محمد بن حزم رحمه الله في "المحلّى" [٥/ ١٢٤ - ١٢٨] وقد فنّد رحمه الله تعالى دعوى الإجماع على أربع تكبيرات، فأجاد، وأفاد.

قال: ولم نجد عن أحد من الأئمة تكبيرًا أكثر من سبع، ولا أقلّ من ثلاث، فمن زاد على خمس، وبلغ ستًا، أو سبعًا، فقد عمل عملًا، لم يصحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قط، فكرهناه لذلك، ولم ينه عليه السلام عنه، فلم نقل: بتحريمه؛ لذلك، وكذلك القول فيمن كبّر ثلاثًا، وأما ما دون الثلاث، وفوق السبع، فلم


(١) قلت: حديث ابن المسيب فيه انقطاع؛ لأنه لم يسمعه من عمر -رضي الله عنه-.
(٢) "الأوسط" ٥/ ٤٢٩ - ٤٣٤.