للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا علمنا أحدًا قال به، فهو تكلّف، وقد نهينا أن نكون من المتكلّفين. انتهى كلام ابن حزم رحمه الله باختصار (١).

والحاصل أن الأولى أن يكبّر أربعًا، فلو بلغ خمسًا، فلا بأس؛ لصحة الحديث بذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في رفع اليدين في تكبيرات الصلاة على الجنازة:

قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: أجمع عوامّ أهل العلم على أن المصلي على الجنازة يرفع يديه في أول تكبيرة يكبّرها، واختلفوا في رفع اليدين في سائر التكبيرات:

فقالت طائفة: تُرفع الأيدي في كلّ تكبيرة على الجنازة، كذلك كان عمر يفعل، وبه قال عطاء، وعمر بن عبد العزيز، وقيس بن أبي حازم، والزهريّ، وسالم بن عبد الله بن عمر، وروينا ذلك عن مكحول، والنخعيّ، وموسى بن نعيم، وبه قال الأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.

واختُلِفَ فيه عن مالك، فحكى ابن وهب عنه أنه قال: يعجبني أن يرفع اليدين في التكبيرات الأربع، وحكى ابن نافع عنه أنه قال: أستحبّ أن يرفع يديه في التكبيرة الأولى، وحكى ابن القاسم أنه حضره يصلي على الجنازة، فما رفع يديه في أول تكبيرة، ولا غيرها.

وقالت طائفة: ترفع اليد في أول تكبيرة من الصلاة على الميت، ثم لا ترفع بعدُ، كذلك قال الثوريّ، وأصحاب الرأي، ورُوي ذلك عن النخعيّ، خلافَ القول الأول عنه.

قال ابن المنذر رحمه الله: بقول ابن عمر أقول؛ اتباعاً له، ولأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لما بيّن رفع اليدين في كلّ تكبيرة يكبّرها المرء وهو قائم، وكانت تكبيرات العيدين، والجنائز في موضع القيام، ثبت رفع اليدين فيها قياسًا على رفع اليدين في التكبير في موضع القيام، ولما أجمعوا على الرفع في أول تكبيرة (٢)،


(١) "المحلّى" ٥/ ١٢٨.
(٢) عبارة الأوسط فيها ركاكة، وهي هكذا: "ولما أجمعوا أن لا يدرى فرفع في أول تكبيرة إلخ". فلتحرّر.