(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم الصلاة على القبر: قال الإمام الترمذيّ رحمه الله في "جامعه" بعد إخراجه حديث الباب ما نصّه: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، وهو قول الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يُصَلَّى على القبر، وهو قول مالك بن أنس، وقال عبد الله بن المبارك: إذا دُفِن الميت، ولم يُصَلَّ عليه صُلِّي على القبر، ورأى ابن المبارك الصلاة على القبر، وقال أحمد، وإسحاق: يُصَلَّى على القبر إلى شهر، وقالا: أكثر ما سمعنا عن ابن المسيِّب أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر. انتهى كلام الترمذيّ رحمه الله.
وقال الإمام ابن المنذر رحمه الله: اختلفوا في الصلاة على القبر، فكان عبد الله بن عمر، وأبو موسى الأشعريّ، وعائشة أم المؤمنين - رضي الله عنهم - يرون الصلاة على القبر، وروينا عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه أمر قَرَظَة أن يصلي على جنازة، قد صُلِّي عليها مرّة.
وممن كان يرى الصلاة على القبر محمد بن سيرين، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وقال أحمد: روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من ستة وجوه، وكان النعمان يقول: إن دُفن قبل أن يصلّى عليه، صلي عليه، وهو في القبر، وكذلك قال الحسن.
وقالت طائفة: لا تعاد الصلاة على الميت، هذا قول النخعيّ، ومالك، والنعمان.
قال ابن المنذر رحمه الله: ثبتت الأخبار عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على القبر. انتهى كلامه رحمه الله بتصرّف (١).
وقال أبو محمد بن حزم رحمه الله: والصلاة جائزة على القبر، وإن كان قد صُلي على المدفون فيه.
وقال أبو حنيفة: إن دُفن بلا صلاة صُلِّي على القبر ما بين دفنه إلى ثلاثة أيام، ولا يُصلّى عليه بعد ذلك، وإن دُفن بعد أن صلي عليه لم يُصَلّ أحد على قبره.