النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نَهَى عن القعود على القبور، من حديث عقبة بن عامر، وجابر، وأبي هريرة، وغيرهم، ومن الرواة من يوقف حديث عقبة، وحديث أبي هريرة، ويجعله من حديثهما.
وأما حديث جابر، فذكر عبد الرزاق، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرنا ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن يَقْعُد الرجل على القبر، ويُقصّص، أو يبنى عليه. وذكر أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص، عن ابن جريج، عن جابر، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُقعَد عليها؛ يعني القبور.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: لأن أطأ على جمرة حتى تُطفأ أحبّ إليّ من أقعد على قبر، وعن أبي بكرة مثله سواءً.
وعن أبي هريرة، قال: لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتُحرق رداءه، ثم قميصه، ثم إزاره، حتى تخلُص إلى جلده أحبّ إليّ من أن يجلس على قبر.
وروى الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير حدثه أن عقبة بن عامر قال: لأن أطأ على جمرة، أو على حدّ سيف حتى يخطف رجلي أحبّ إليّ من أن أمشي على مسلم، وما أبالي في القبور قضيت حاجتي، أو في السوق، والناس ينظرون.
وقال مالك رحمه الله: وإنما نهي عن القعود على القبور، فيما نُرَى للمذاهب، يريد حاجة الإنسان. وحجته أن عليّ بن أبي طالب كان يتوسّد القبور، ويضطجع عليها.
وروى أبو أمامة بن سهل بن حُنيف أن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال له: هلمّ يا ابن أخي إنما نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس على القبر لحدثِ بولٍ، أو غائط. انتهى كلام أبي عمر رحمه الله. بتصرّف، واختصار (١).
وقال النوويّ رحمه الله: المراد بالجلوس القعود عند الجمهور، وقال مالك: المراد بالقعود الحدث، وهو تأويل ضعيف، أو باطل. انتهى.
قال في "الفتح": وهو يوهم انفراد مالك بذلك، وكذا أوهمه كلام ابن