"الكبير"(١١/ ٩٣٩)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٣/ ٨٣)، و (عبد بن حميد) في "مسنده"(١/ ١٧٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ٤٣٥ و ٤/ ٧٩) و"المعرفة"(٢/ ٢٥٥ و ٣/ ٢٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم الصلاة إلى المقبرة، ومثله الصلاة فيها، وعليها:
[اعلم]: أنهم قد اختلفوا في ذلك، فذهب أحمد رحمه الله إلى تحريم الصلاة في المقبرة، ولم يُفَرِّق بين المنبوشة وغيرها، ولا بين أن يفرش عليها شيئًا يقيه من النجاسة، أم لا، ولا بين أن يكون في القبور، أو في مكان منفرد عنها كالبيت، وإلى ذلك ذهبت الظاهرية، ولم يفرقوا بين مقابر المسلمين والكفار.
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله: وبه يقول طوائف من السلف، روينا عن نافع بن جبير بن مطعم أنه قال: يُنْهَى أن يصلى وسط القبور، والحمام، والحُشّان (١).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لا تصلين إلى حُشّ، ولا في حمام، ولا في مقبرة. وعن إبراهيم النخعيّ، قال: كانوا يكرهون أن يتخذوا ثلاثة أبيات قبلة: الحش، والحمام، والقبر. وعن العلاء بن زياد، عن أبيه، وعن خيثمة بن عبد الرحمن أنهما قالا: لا تصلِّ إلى حمام، ولا إلى حش، ولا وسط مقبرة. وقال أحمد: من صلى في حمام أعاد أبدًا.
وعن أنس قال: رآني عمر بن الخطاب أصلي إلى قبر، فنهاني، وقال: القبر أمامك. وعن ثابت البناني، عن أنس، قال: رآني عمر بن الخطاب أصلي عند قبر، فقال لي: القبر لا تصلي إليه، قال ثابت: فكان أنس يأخذ بيدي إذا أَرَدَ أن يصلي، فيتنحى عن القبور.
(١) "الْحُشّان" بالضمّ والكسر جمع حَشّ بالفتح والضمّ: النخل المجتمع، أو البستان، والمراد محلّ قضاء الحاجة.