وقال النوويّ رحمه الله تعالى: قوله: "إلَّا حار عليه" هذا الاستثناء قيل: إنه واقع على المعنى، وتقريره: ما يدعوه أحدٌ إلَّا حار عليه، ويحتمل أن يكون معطوفًا على الأول، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من رجل … "، فيكون الاستثناء جاريًا على اللفظ (١).
ولفظ أبي عوانة:"لا يرمي رجلٌ رجلًا بالكفر إلَّا ارتدّت، إن لَمْ يكن صاحبها كذلك"، وفي رواية له:"من ادّعى إلى غير أبيه، فليس منا، ومن ادّعى ما ليس له، فليس منّا، ومن رمى رجلًا بالكفر، أو رماه بالفسق، وليس كذلك، ارتدّت عليه"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - عنه هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٢٩/ ٢٢٤](٦١)، و (البخاريّ) في "مناقب قريش" ٤/ ٢١٩ (٣٥٠٨)، و"الأدب" ٨/ ١٨ (٦٥٤٥)، وفي "الأدب المفرد"(٤٣٢ و ٤٣٣)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ١٦٦ و ١٨١)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٥٥ و ٥٦)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه"(٢١٥)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): إطلاق الكفر على المعاصي، وأنها تنافي كمال الإيمان، وهو الغرض الذي أراده المصنّف رحمه الله تعالى بإيراد الحديث هنا.
٢ - (ومنها): بيان تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والادّعاء إلى غيره.
٣ - (ومنها): أن تقييده بالعلم مما لا بدّ منه في الحالتين: إثباتًا ونفيًا؛ لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمِّد له.