لأن هذا أمر يُعرف من سياق الكلام، ودلالة السياق لا يقام عليها دليل، وكذلك لو فُهم المقصود من الكلام، وطولب بالدليل عليه لعسُر، فالناظر يرجع إلى ذوقه، والمناظر إلى دينه وإنصافه. انتهى كلام ابن دقيق العيد (١).
وحكى القاضي عياض عن داود أن كلّ ما يدخله الكيل يُراعى فيه خمسة أوسق، وما عداه مما لا يوسق ففي قليله وكثيرة الزكاة، وسيأتي تمام البحث في هذه المسألة قريبًا -إن شاء الله تعالى-.
٣ - (ومنها): بيان أقلّ نصاب الورق، وهو خمسة أواق، وهي مائتا درهم، وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسألة الخامسة -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في بيان أقوال أهل العلم في حكم زكاة الفضّة، والذهب، والجواهر:
قال النووىّ رحمه اللهُ: تجب الزكاة في الذهب بالإجماع، ودليل المسألة النصوص، والإجماع، وسواء فيهما المسبوك، والتبر، والحجارة منهما، والسبائك، وغيرها من جنسها، إلا الحليّ المباح، على أصحّ القولين.
قال: ولا زكاة فيما سوى الذهب، والفضّة من الجواهر، كالياقوت، والفيروز، واللؤلؤ، والمرجان، والزّمرّد، والزبرجد، والحديد، والصفر، وسائر النحاس، والزجاج، وإن حسنت صنعتها، وكثرت قيمتها، ولا زكاة أيضًا في المسك، والعنبر. قال الشافعيّ رحمه اللهُ في "المختصر": ولا في حلية بحر. قال أصحابنا: معناه: كلّ ما يستخرج منه، فلا زكاة فيه. ولا خلاف في شيء من هذا عندنا.
وبه قال جماهير العلماء، من السلف وغيرهم. وحكى ابن المنذر وغيره عن الحسن البصريّ، وعمر بن عبد العزيز، والزهريّ، وأبي يوسف، وإسحاق ابن راهويه أنهم قالوا: يجب الخمس في العنبر، قال الزهريّ: وكذلك اللؤلؤ. وحكى أصحابنا عن عبد الله بن الحسن العنبريّ أنه قال: يجب الخمس في كلّ ما يخرج من البحر، سوى السمك. وحكى العنبريّ وغيره عن أحمد روايتين: