للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إحداهما: كمذهب الجماهير. والثانية: أنه أوجب الزكاة في كلّ ما ذكرنا إذا بلغت قيمته نصابًا حتى في المسك والسمك (١).

ودليلنا: الأصل أن لا زكاة إلا فيما ثبت الشرع فيه. وصحّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ليس في العنبر زكاة، إنما هو شيء دَسَرَه البحر، وهو بدال وسين مهملتين مفتوحتين؛ أي: قذفه ودفعه، فهذا الذي ذكرناه هو المعتمد في دليل المسألة، وأما الحديث المرويّ عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا زكاة في حجر". فضعيفٌ جدًّا، رواه البيهقيّ، وبيّن ضعفه (٢). انتهى ما قاله النوويّ (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الصواب ما قاله الجمهور من عدم وجوب الزكاة في غير الذهب والفضّة؛ لما ذكره النوويّ، ولأنه -كما قال ابن قُدامة-: قد كان يُخرَج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلفائه، فلم تأت فيه سنّة عنه، ولا عن أحد من خلفائه من وجه يصح. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في بيان أقوال أهل العلم في نصاب الذهب والفضّة:

قال الإمام ابن المنذر رحمه اللهُ: أجمع أهل العلم على أن نصاب الفضة مائتا درهم، وأن فيه خمسة دراهم، واختلفوا فيما زاد على المائتين، فقال الجمهور: يُخرج مما زاد بحسابه ربع العشر، قلّت أم كثرت.

وممن قال به عليّ بن أبي طالب، وابن عمر، والنخعيّ، ومالك، وابن


(١) القول الأول الذي عليه الجماهير هو المختار في مذهب أحمد رحمه الله تعالى. انظر: "المغني" ٥/ ٢٤٤.
(٢) وسبب ضعفه كما نبّه عليه البيهقيّ أنّ الذين رووه عن عمرو بن شعيب كلهم ضعفاء. انتهى. قلت: رواه عنه عمر بن أبي عمر الكلاعيّ الدمشقيّ، وهو منكر الحديث. وعثمان بن عبد الرحمن الوقاصىّ، قال أبو حاتم: متروك الحديث ذاهب. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه، يكذب. ومحمد بن عبيد الله العرْزَميّ، متروك.
(٣) "المجموع" ٥/ ٤٨٩ - ٤٩٠.