للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج ابن خزيمة، والحاكم في "صحيحيهما" من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم، عن عياض بن عبد الله، قال: قال أبو سعيد، وذكروا عنده صدقة رمضان، فقال: "لا أُخرج إلا ما كنت أُخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صاع من تمر، أو صاع حنطة، أو صاع شعير، أو صاع أقط، فقال له رجلٌ من القوم: أو مدّين من قَمْح، فقال: لا، تلك قيمة معاوية مطويّة، لا أقبلها، ولا أعمل بها"، قال ابن خزيمة: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوَهَمُ؟.

وقوله: "فقال له رجلٌ إلخ" دالٌّ على أن ذكر الحنطة في أول القصّة خطأٌ؛ إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً لَمَا كان الرجل يقول له: أو مدّين من قَمْح، وقد أشار أبو داود إلى رواية ابن إسحاق هذه، وقال: إن ذكر الحنطة فيه غير محفوظ، وذكر أن معاوية بن هشام رَوَى في هذا الحديث عن سفيان: "نصف صاع من برّ" وهو وَهَمٌ، وأن ابن عيينة حدّث به عن ابن عجلان، عن عياض، فزاد فيه: "أو صاعاً من دقيق"، وأنهم أنكروا عليه، فتركه، قال أبو داود: وذِكْرُ الدقيق وَهَمٌ من ابن عيينة. وأخرج ابن خزيمة أيضاً من طريق فُضيل بن غَزْوَان، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: "لم تكن الصدقة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا التمر، والزبيب، والشعير، ولم تكن الحنطة"، ولمسلم من وجه آخر، عن عياض، عن أبي سعيد: "كنّا نخرج من ثلاثة أصناف: صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاُ من شعير"، وكأنه سكت عن الزبيب في هذه الرواية لقلّته بالنسبة إلى الثلاثة المذكورة.

وهذه الطرق كلّها تدلّ على أن المراد بالطعام في حديث أبي سعيد غير الحنطة، فيَحْتَمِل أن تكون الذُّرَةَ، فإنه المعروف عند أهل الحجاز الآن، وهي قوت غالبٌ لهم.

وقد روى الجوزقيّ من طريق ابن عجلان، عن عياض في حديث أبي سعيد: "صاعاً من تمر، صاعاً من سُلْت، أو ذُرَة". انتهى كلام الحافظ (١).


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ١٤٥ - ١٤٦.