للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "فيَحْتَمِل أن تكون الذرة إلخ" فيه نظر، بل الصواب أن الطعام مجملٌ، فسّره ما بعده، كما سبق، والله تعالى أعلم.

وأجاب البرماويّ عن رواية حفص بن ميسرة بأن الطعام فيها محمول على معناه اللغويّ الشامل لكلّ مطعوم، قال: فلا ينافي تخصيص الطعام فيما سبق بالبرّ؛ لأنه قد عطف عليه الشعير، وغيره، فدلّ على التغاير، وهذا كالوعد، فإنه عامّ في الخير والشرّ، وإذا عطف عليه الوعيد خُصّ بالخير، وليس هو من عطف الخاصّ على العامّ، نحو {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: ٦٨]، {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [البقرة: ٩٨]، فإن ذلك إنما هو فيما إذا كان الخاصّ أشرف، وهنا بالعكس.

وقال الكرمانيّ: فإن قلت: قوله: قال أبو سعيد: "وكان طعامنا إلخ" مناف لما تقدّم من قولك: إن الطعام هو الحنطة، ثمّ أجاب بقوله: لا نزاع في أنّ الطعام بحسب اللغة عامّ لكلّ مطعوم، إنما البحث فيما يعطف عليه الشعير، وسائر الأطعمة، فإن العطف قرينة لإرادة المعنى العرفيّ منه، وهو البرّ بخصوصه. انتهى.

قال صاحب "المرعاة": ولا يخفى ما فيه من التكلّف، والظاهر عندي هو قول من قال: إن الطعام في قوله: "صاعاً من طعام" مجملٌ، وما ذُكر بعده بيان له، كما يدلّ عليه طريق حفص بن ميسرة، وحديث ابن عمر عند ابن خزيمة، وأن الصحابة ما كانوا يُخرجون البرّ في عهده - صلى الله عليه وسلم -، كما يدلّ عليه رواية النسائيّ، والطحاويّ: "كنا نخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، لا نخرج غيره"، وأنّ أبا سعيد ما أخرج البرّ في صدقة الفطر قطّ، لا في زمانه - صلى الله عليه وسلم -، ولا فيما بعده، لا صاعاً، ولا نصفه، كما يدلّ عليه رواية مسلم: إن معاوية لَمّا جعل نصف الصاع من الحنطة عَدْلَ صاع من تمر، أنكر ذلك أبو سعيد، وقال: "لا أخرج فيها إلا الذي كنت أخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط"، وفي رواية: قال أبو سعيد: "فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عِشْتُ"، وأن أبا سعيد لَمّا تحقق عنده أن