للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في دفع الأقط في صدقة الفطر:

(اعلم): أنهم قد اختلفوا في ذلك، فقال مالك بالإجزاء؛ إذا كان من أغلب القوت، وللشافعيّ فيه قولان: أحدهما كقول مالك. والثاني: أنه لا يجزئ، قال الحافظ: وعند الشافعيّة فيه خلاف، وزعم الماورديّ أنه يختصّ بأهل البادية، وأما الحاضرة، فلا يجزئ عنهم بلا خلاف، وتعفبه النوويّ في "شرح المهذّب"، وقال: قطع الجمهور بأن الخلاف في الجميع. انتهى. والمذكور في فروع الشافعيّة الإجزاء إذا كان غالب أقوات المخرج. قال النوويّ في "شرح مسلم": يجزئ الأقط على المذهب. انتهى. وقال الحنفيّة: لا يُجزئ إلا بدلًا عن القيمة. قال الكاسانيّ في "البدائع": أما الأقط، فتعتبر فيه القيمة لا يجزئ إلا باعتبار القيمة؛ لأنه غير منصوص عليه من وجه يوثق به، وجواز ما ليس بمنصوص عليه لا يكون إلا بالقيمة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا عجيب من الكاسانيّ، فإن حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا أخرجه الشيخان، وغيرهما، فقوله: "غير منصوص عليه من وجه يوثق به" ينادي عليه بأنه بعيد كلّ البعد عن مراجعة مشاهير الكتب الحديثية، كالصحيحين، فضلًا عن غيرها، مع أنه يعدّ من كبار الفقهاء الحنفية، إن لهو العجب العُجاب.

وقال ابن قدامة: يجزئ أهل البادية إخراج الأقط إذا كان قوتهم، وكذلك من لم يجد من الأصناف المنصوص عليها سواه، فأما من وجد سواه، فهل يجزئ؟ على روايتين: إحداهما: يجزئه أيضًا؟ لحديث أبي سعيد المذكور في الباب. والثانية: لا يجزئه؛ لأنه جنس لا تجب فيه الزكاة، فلا يجزئ إخراجه لمن يقدر على غيره من الأجناس المنصوص عليها، كاللحم، ويُحمل الحديث على من هو قوت له، أو لم يقدر على غيره. انتهى كلام ابن قدامة باختصار.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الأول هو الحقّ، وأما القول الثاني، فمخالف للنصوص الصحيحة، فلا يلتفت إليه.

فالحق أنه يجزئ إخراج الأقط، مطلقًا، سواء كانوا من أهل الأمصار، أو من غيرهم، قادرين على غيره، من التمر، وغيره، أو لا، وسواء كان قوتًا