للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له، أو لا؛ لأن الحديث لم يفرّق، ولم يفصّل شيئًا من ذلك.

والحاصل أن الأقط مجزئ مطلقًا؛ لحديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- المذكور في الباب، حيث قال: "كنّا نخرج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … " الحديث، فأطلق، ولم يقيّده بشيء، مما ذكروه، فدلّ على أنه يجزئ مطلقًا، كالتمر، والشعير المذكورين معه، حيث لا خلاف في إجزائهما، فكذلك هو، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في إخراج القيمة في صدقة الفطر:

ذهب الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعيّ، وأحمد -رحمهم الله تعالى- إلى أنه لا يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر.

وذهب الإمام أبو حنيفة، وأصحابه -رحمهم الله تعالى- إلى جواز ذلك.

قال ابن قدامة: قال أبو داود: قيل لأحمد، وأنا أسمع: أَعطَى دراهم -يعني: في صدقة الفطر- قال: أخاف أن لا يجزئه خلاف سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وقال أبو طالب: قال أحمد: لا يعطي قيمته، قيل له: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة، قال: يدعون قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقولون قال فلان، قال ابن عمر: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وقال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة: ٩٢]. وقال قوم يردّون السنن: قال فلان، قال فلان.

وظاهر مذهبه أنه لا يجزئه إخراج القيمة في شيء من الزكوات، وبه قال مالك، والشافعيّ.

وقال الثوريّ، وأبو حنيفة: يجوز. وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، والحسن، وروي عن أحمد مثل قولهم فيما عدا صدقةَ الفطر، وقال أبو داود: سئل أحمد عن رجل باع ثمر نخلته؟، قال: عشرة على الذي باعه، قيل له: فيخرج ثمرًا، أو ثمنه؟ قال: إن شاء أخرج ثمرًا، وإن شاء أخرج من الثمن. وهذا دليل على جواز إخراج القيم. ووجهه قول معاذ لأهل اليمن: "ايتوني بخميس، أو لبيس، آخذه منكم، فإنه أيسر عليكم، وأنفع للمهاجرين بالمدينة".

وقال سعيد: حدّثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوس، قال: لَمّا قدم معاذ