كالأضحيّة، ولأن هذا وقت الفطر، لا ما قبله؛ لأنه في كلّ ليلة كان يفطر كذلك، ثم يصبح صائمًا، فإنما أفطر من صومه جملةً صبيحةَ يوم الفطر.
وقال ابن حزم: وقت زكاة الفطر الذي لا تجب قبله، وإنما تجب بدخوله، ثم لا تجب بخروجه، فهو إثر طلوع الفجر الثاني، من يوم الفطر ممتدًّا إلى أن تبيضّ الشمس، وتحلّ الصلاة من ذلك اليوم نفسه، ثم استدلّ بحديث الباب، وقال: فهذا وقت أدائها بالنصّ، ثم ذكر في وقت الوجوب مثل المذهب الثاني.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن المذهب الأول هو الأرجح؛ لأنه أقرب إلى المعنى؛ لأن الصدقة مضافة إلى الفطر من رمضان، كما تقدّم، والفطر من رمضان يتحقّق بانسلاخ آخر يوم منه وذلك بغروب شمسه، فليلة العيد ليست منه، بل هي تابعة لما بعدها وهو يوم العيد، وهي وقت الفطر من رمضان، وأولها من غروب الشمس، فيتعلّق الوجوب به، وهذا ظاهر لمن تامّل بإنصاف، فالحقّ أن الوجوب يتعلّق بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان، فمن كان من أهل وجوب الفطر حينئذ لزمته، ومن لا فلا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في جواز تأخيرها عن وقتها:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز تأخير إخراجها عن يوم الفطر، وبه قال الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة، وهو المشهور عند الحنابلة. قاله وليّ الدين.
وقال ابن قدامة: المستحبّ إخراجها يوم الفطر قبل الصلاة؛ لحديث الباب، وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، مرفوعًا:"من أدّاها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات"، رواه أبو داود، وتقدّم أنه حديث حسنٌ.
قال: فإن أخّرها عن الصلاة ترك الأفضل؛ لما ذكرنا من السنّة، ولأن المقصود منها الإغناء عن الطواف والطلب في هذا اليوم، فمتى أخّرها لم يحصل إغناؤهم في جميعه، لا سيما وقت الصلاة، ومال إلى هذا القول عطاءٌ، ومالك، وموسى بن وَرْدَان، وإسحاق، وأصحاب الرأي، قال: فإن أخّرها عن يوم العيد أثم، ولزمه القضاء.