ادَّعَى إلى غير أبيه، وهو يَعْلَم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام"، وقال: "من ادَّعَى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يَقْبَل الله منه صرفًا ولا عدلًا"، حديث صحيح، وقَضَى أن الولد للفراش، وهو من الأحكام المجمع عليها، فنحن نعلم أن مَن انتسب إلى غير الأب الذي هو صاحب الفراش، فهو داخل في كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه لا يجوز أن يُعَيَّن أحد دون الصحابة فضلًا عن الصحابة، فيقالَ: إن هذا الوعيد لاحق به؛ لإمكان أنه لم يبلغهم قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الولد للفراش، واعتقدوا أن الولد لمن أحبل أمه، واعتقدوا أن أبا سفيان هو الْمُحْبِل لسُمَيّة، أم زياد، فإن الحكم قد يَخْفَى على كثير من الناس، لا سيما قبل انتشار السنة، مع أن العادة في الجاهلية كانت هكذا، أو لغير ذلك من الموانع المانعة هذا المقتضَى للوعيد، أن يَعْمَل عمله من حسنات تمحو السيئات، وغير ذلك.
وهذا باب واسع، فإنه يدخل فيه جميع الأمور المحرمة بكتاب أو سنة، إذا كان بعض الأمة لم يبلغهم أدلة التحريم، فاستحلُّوها، أو عارض تلك الأدلة عندهم أدلة أخرى، رأوا رجحانها عليها، مجتهدين في ذلك الترجيح، بحسب عقلهم وعلمهم، فإن التحريم له أحكام من التأثيم والذم والعقوبة والفسق، وغير ذلك، لكن لها شروط وموانع، فقد يكون التحريم ثابتًا، وهذه الأحكام منتفية؛ لفوات شرطها، أو وجود مانع، أو يكون التحريم منتفيًا في حقّ ذلك الشخص، مع ثبوته في حق غيره.
وانما ردّدنا الكلام؛ لأن للناس في هذه المسألة قولين:
[أحدهما]: وهو قول عامّة السلف، والفقهاء أن حكم الله واحد، وأن من خالفه باجتهاد سائغ مخطئٌ معذورٌ مأجورٌ، فعلى هذا يكون ذلك الفعل الذي فعله المتأول بعينه حرامًا، لكن لا يترتب أثر التحريم عليه؛ لعفو الله تعالى عنه، فإنه لا يُكَلِّف نفسًا إلا وسعها.
[والثاني]: في حقه ليس بحرام؛ لعدم بلوغ دليل التحريم له، وإن كان حرامًا في حقّ غيره، فتكون نفس حركة ذلك الشخص، ليست حرامًا، والخلاف متقارب، وهو شبيه بالاختلاف في العبارة.
فهذا هو الذي يمكن أن يقال في أحاديث الوعيد، إذا صادفت محل