خلاف؛ إذ العلماء مُجْمِعُون على الاحتجاج في تحريم الفعل المتوَعَّد عليه، سواء كان محلَّ وفاق، أو خلاف، بل أكثر ما يحتاجون إليه الاستدلال بها في موارد الخلاف، لكن اختلفوا في الاستدلال بها على الوعيد، إذا لم تكن قطيعة على ما ذكرناه. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، وهو شافٍ كافٍ في إزالة مشكلة حديث الباب لمن تأمّله بإنصاف ذوي الألباب. وقد ضرب على هذا أمثلة كثيرة قبل هذا يوضّح المسألة، حيث قال في معرض البحث عن نصوص الوعيد:
وهذه القاعدة تظهر بأمثلة منها:
أنه قد صَحّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لَعَن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه"، وصحّ عنه من غير وجه أنه قال لمن باع صاعين بصاع يدًا بيد:"أَوَّهْ عينُ الربا"، كما قال:"البر بالبر ربًا إلا هاءَ وهاءَ … " الحديث، وهذا يوجب دخول نوعي الربا: ربا الفضل، وربا النسأ في الحديث.
ثم إن الذين بلغهم قولُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الربا في النسيئة"، فاستَحَلُّوا بيع الصاعين بالصاع يدًا بيد، مثل ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأصحابه: أبي الشَّعْثاء، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وغيرهم، من أعيان المكيين الذين هم من صفوة الأمة، علمًا وعملًا، لا يحل لمسلم أن يَعتقد أن أحدًا منهم بعينه، أو مَن قَلَّده بحيث يجوز تقليده تبلغهم لعنة آكل الربا؛ لأنهم فَعَلوا ذلك متأولين تأويلًا سائغًا في الجملة.
وكذلك ما نُقِل عن طائفة من فُضلاء المدنيين، من إتيان الْمَحَاش (١) مع ما رواه أبو داود عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"من أتى امرأة في دبرها، فهو كافر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -"، أفيستحلُّ مسلم أن يقول: إن فلانًا وفلانًا كانا كافرين بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -؟.
وكذلك قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لَعَن في الخمر عشرةً: عاصرَ الخمر، ومعتصرها، وشاربها، وثبت عنه من وجوه أنه قال:"كلُّ شراب أسكر فهو خمر"، وقال:"كل مسكر خمر"، وخطب عمر - رضي الله عنه - على منبره، فقال بين