الْغِيلةِ"؛ أي: عن إتيان المرضع (١). (أَنْ أتَّبِعَهُ) "أن" بالفتح مصدريّة، و "أتّبعه" بتشديد التاء، من الاتّباع، ويَحْتَمِل أن يكون بتخفيفها، من باب تَعِبَ، والمصدر المؤول مجرور بالباء المقدّرة؛ أي: هممتُ باتّباعه (قَالَ) أبو ذرّ (ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ: "لَا تَبْرَحْ) أي: لا تزل، يقال: بَرِحَ الشيءُ يَبْرَحُ، من باب تَعِبَ بَرَاحاً: زال من مكانه (حَتَّى آتِيَكَ"، قَالَ) أبو ذرٍّ (فَانْتَظَرْتُهُ، فَلَمَّا جَاءَ ذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي سَمِعْتُ) وفي رواية البخاريّ: "قلت: يا رسول الله، لقد سمعت صوتًا تخوّفت، فذكرت له"، وفي رواية عبد العزيز بن رُفيع التالية: "ثمّ إني سمعته وهو يقول: وإن سرق وإن زنى، فقلت: يا رسول الله، من تكلم في جانب الحرّة؟ ما سمعت أحداً يرجع إليك شيئًا".
(قَالَ) أبو ذرّ (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("ذَاكَ) أي: الذي سمعت صوته، أو الذي كنت أخاطبه (جِبْرِيلُ) -عليه السلام- (أتانِي) زاد في رواية حفص عند البخاريّ: "فأخبرني"، ووقع في رواية عبد العزيز التالية:"عَرَضَ لي في جانب الحرّة، فقال: بَشِّر أمتك"، قال الحافظ:"ولم أر لفظ التبشير في رواية الأعمش". انتهى.
(فَقَالَ) جبريل -عليه السلام- (مَنْ) شرطيّة (مَاتَ مِنْ أمّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً) وقوله: (دَخَلَ الْجَنَّةَ) جواب الشرط، رَتَب دخولَ الجنة على الموت بغير إشراك بالله تعالى، وقد ثبت الوعيد بدخول النار لمن عَمِلَ بعض الكبائر، وبعدم دخول الجنة لمن عَمِلها فلذلك وقع الاستفهام بقوله:"قلت: وإن زنى … إلخ".
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟) قال ابن مالك -رحمه الله-: حرف الاستفهام في أول هذا الكلام مقدَّرٌ، ولا بُدّ من تقديره، وقال غيره: التقدير أَوَ إن زنى، أَوَ إن سرق دخل الجنة؟، وقال الطيبيّ: أَدَخَل الجنة، وإن زنى وإن سرق؟ والشرط حال، ولا يذكر الجواب مبالغة وتتميماً لمعنى الإنكار.
(قَالَ) جبريل -عليه السلام- (وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ") وفي رواية عبد العزيز التالية: قلت: يا جبريل، وإن سرق، وإن زنى؟ قال: نعم، وكررها ثلاثًا، وزاد في آخر الثالثة: "وإن شَرِبَ الخمر"، وكذا وقع التكرار ثلاثًا في رواية أبي