وقال مصعبٌ الزبيريّ: كان إسلامه قبل عمر، ولكنّه لم يُهاجر إلا قبيل فتح مكّة، وذلك لأنه كان يُنفق على أرامل بني عديّ، وأيتامهم، فلما أراد أن يهاجر، قال له قومه: أقم ودِنْ بايّ دِين شئت، وكان بيت بني عديّ بيته في الجاهليّة، حتى تحوّل في الإسلام لعمر في بني رَزَاح.
وقال الزبير: ذكروا أنه لما قدم المدينة قال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "يا نُعيم، قومك كانوا خيرًا لك من قومي"، قال: بل قومك خير يا رسول الله، قال:"إن قومي أخرجوني، وإن قومك أقرّوك"، فقال نعيم: يا رسول الله، إن قومك أخرجوك إلى الهجرة، وإن قومي حبسوني عنها.
وقال الواقديّ: حدّثني يعقوب بن عمرو، عن نافع العدويّ، عن أبي بكر بن أبي الجهم، قال: أسلم نعيم بعد عشرة، وكان يكتم إسلامه، وقال ابن أبي خيثمة: أسلم بعد ثمانية وثلاثين إنسانًا، وذكر موسى بن عقبة في "المغازي" عن الزهريّ، أنّ نعيماً استُشْهِد بأَجْنَادِين، في خلافة عمر، وكذا قال ابن إسحاق، ومصعبٌ الزبيريّ، وأبو الأسود، وعروة، وسيفٌ في "الفتوح"، وأبو سليمان بن زَبْر، قال الواقديّ: وكانت أجنادينُ قبل اليرموك، سنة خمس عشرة، وقال ابن الْبَرْقيّ: يقول بعض أهل النسب: إنه قتل يوم مؤتة في حياة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكذا قال ابن الكلبيّ.
وأما ما ذكره عمر بن شبّة في "أخبار المدينة" عن أبي عبيد المدنيّ، قال: ابتاع مروان من النحّام داره بثلاثمائة درهم، فأدخلها في داره، فهو محمولٌ على أن المراد به إبراهيم بن نعيم المذكور، فإنه يقال له أيضًا: النحّام. ذكر هذا كلّه في "الإصابة"(١).
وقال في "الفتح" بعد ذكر نحو ما تقدّم: ثم هاجر عام الحديبية، ومعه أربعون من أهل بيته، واستُشهد في فتوح الشام، زمنَ أبي بكر، أو عمر، وروى الحارث في "مسنده" بإسناد حسن: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سماه صالحًا، وكان اسمه الذي يعرف به نُعيمًا.
وكان يُعرف بـ "النحام " بالنون والحاء المهملة الثقيلة، عند الجمهور،
(١) راجع: "الإصابة في تمييز الصحابة" ١٠/ ١٧٤ - ١٧٦.