وشعبة، وإنكاره صحيح على ما في أصوله، وأما على ما اعتمدنا فلا إنكار، فإن سفيان ثالثهما. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى.
٥ - (ومنها): أنه ليس في الكتب الستّة من يُسمّى زُبيدًا غير ابن الحارث
الياميّ هذا، ويوجد في "الموطّأ""زُييد" بضم الزاي وكسرها، وبتحتانيتين، وهو ابن الصلت بن مَعْدي كَرِب الكنديّ التابعيّ، ولا ذكر له في الكتب الستة، كما أنه لا ذكر لزُبيد بن الحارث في "الموطأ" أيضًا.
٦ - (ومنها): أن صحابيّه من أكابر الصحابة - رضي الله عنه -، ومن السابقين للإسلام، ومن المجوّدين للقرآن، أثنى عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في القراءة، وحثّ على تلقّي القراءة منه، فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" بإسناد صحيح (٣٥) من طريق زِرّ بن حُبَيش، عن عبد الله، أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - بشّراه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَن سَرّه أن يقرأ القرآن غَضًّا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد".
وأخرج أيضًا (١٧٠) من طريق الأعمش، عن خيثمة، عن قيس بن مروان، أنه أَتَى عمر - رضي الله عنه -، فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلًا يُملي المصاحف عن ظهر قلبه. فغَضِب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل، فقال: ومن هو ويحك؟ قال: عبد الله بن مسعود. فما زال يُطْفَأُ ويُسَرَّى عنه الغضب، حتى عاد إلى حاله التي كان عليها، ثم قال: ويحك والله ما أعلمه بقي من الناس أحد، هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يَسمُر عند أبي بكر - رضي الله عنه - الليلة كذاك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سَمَر عنده ذات ليلة، وأنا معه، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمع قراءته، فلما كدنا أن نعرفه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سره أن يقرأ القرآن رطبًا كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد"، قال: ثم جلس الرجل يدعو، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له:"سل تعطه، سل تعطه"، قال عمر - رضي الله عنه -: قلت: والله لأغدوَن إليه، فلأبشّرنه، قال: فغدوت إليه لأبشّره، فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشّره، ولا والله ما سبقته إلى خير قط إلا وسبقني إليه. وهذا إسناد صحيح، والله تعالى أعلم.