يؤجر على ذلك بحسب قصده، ولا منافاة بين كونها واجبة، وبين تسميتها صدقة، بل هي أفضل من صدقة التطوّع.
وقال المهلّب رحمه الله: النفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سمّاها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أنّ قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عَرَفُوا ما في الصدقة من الأجر، فعزفهم أنها لهم صدقةٌ، حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يَكْفُوهم؛ ترغيبأ لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوّع.
وقال ابن الْمُنَيِّر رحمه الله: تسمية النفقة صدقةً، من جنس تسمية الصداق نِحْلَة، فلما كان احتياج المرأة إلى الرجل كاحتياجه إليها -في اللذّة والتأنيس، والتحصين، وطلب الولد- كان الأصل أن لا يجب لها عليه شيء، إلا أنّ الله خصّ الرجل بالفضل على المرأة بالقيام عليها، ورَفَعَه عليها بذلك درجة، فمن ثَمَّ جاز إطلاق النحلة على الصداق، والصدقة على النفقة. انتهى (١).
(وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا) أي: يريد أجرها من الله تعالى بحسن نيّته، وهو أن ينوي أداء ما أوجب الله تعالى عليه من الإنفاق عليهم، والجملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل.
قال بعضهم: أفاد الحديث بمنطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يَحصُل بقصد القربة، سواءٌ كانت واجبة، أو مباحة، وأفاد بمفهومه أن من لم يقصد القربة لم يُؤجر، لكن تبرأ ذمّته من النفقة الواجبة؛ لأنها معقولة المعنى. انتهى.
وقال النوويّ رحمه الله: فيه بيان أن المراد بالصدقة، والنفقة المطلقة في باقي الأحاديث إذا احتسبها، ومعناه أراد بها وجه الله عز وجل، فلا يدخل فيه من أنفق عليها ذاهلًا، ولكن يدخل المحتسب، وطريقه في الاحتساب أن يتذكّر أنه يجب عليه الإنفاق على الزوجة، وأطفال أولاده، والمملوك، وغيرهم، ممن تجب نفقته على حسب أحوالهم، واختلاف العلماء فيهم، وأنّ غيرهم ممن يُنفَقُ عليه مندوبٌ إلى الإنفاق عليهم، فينفق بنيّة أداء ما أُمر به، وقد أُمر