وإضافة "سباب" إلى "المسلم" وكذا "قتال" إلى ضميره من إضافة المصدر إلى مفعوله.
فقوله:"سبابُ المسلم" مبتدأ خبره قوله: (فُسُوقٌ) - بضم فسكون - مصدر فَسَقَ يفسُق بالضمّ، من باب نَصَر، وحكى الأخفش يَفسِق بالكسر، من باب ضرب: أي فجور، يعني أن سبابه خروجٌ عن الذي يجب من احترام المسلم وحُرْمة عرضه وسبّه، أو هو من أعمال أهل الفسوق.
وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قوله: "فسوق": أي خروج عن الطاعة وواجبِ الشرع، وبه سُمّي الفاسق فاسقًا لخروجه عن ثِقاف الإسلام وانسلاخه عن أعمال البرّ، يقال: فَسَقَت الرُّطَبَة: إذا خرجت من قشرها (١).
وقال في "الفتح": "الفسق" - في اللغة -: الخروج، وفي الشرع: الخروج عن طاعة الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في عرف الشرع أشدّ من العصيان، قال الله تعالى:{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} الآية [الحجرات: ٧].
ففي الحديث تعظيم حق المسلم، والحكم على من سبه بغير حق بالفسق، ومقتضاه الرد على المرجئة، وعُرف من هذا مطابقة جواب أبي وائل للسؤال عنهم، كأنه قال: كيف تكون مقالتهم حقًّا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا؟. انتهى.
(وَقِتَالُهُ كُفْرٌ") أي من أعمال أهل الكفر، فإنهم الذين يَقصدون قتال المسلم، وأما تأويله بحمله على القتال مستحلًّا فيؤدّي إلى عدم صحّة المقابلة؛ لكون السباب مستحلًّا كفرًا أيضًا.
وقال عياض رحمه الله تعالى: أي قتاله من أجل إسلامه، واستحلالُ ذلك منه كفرٌ، وقيل: ذلك من أفعال أهل الكفر، أو يكون كفرَ طاعة، وكفرَ نعمة وغَمْطَها، بأن جعلهما الله تعالى مسلمين، وأَلّف بين قلوبهما، ثم صار هو بعدُ يقاتله، وقيل: كفرٌ بحقّ المسلم وجَحْدٌ له بالمعنى؛ لإظهاره إباحة ما أنزل الله من تحريم دمه وقتاله، وترك ما أُمر به من محبّته وصِلَته وإكرامه، فهو