بلفظ:"فلا يرى شيئًا إلا شيئًا قدمه"، وفي رواية مُحِلّ بن خليفة:"فينظر عن يمينه، فلا يرى إلا النار، وينظر عن شماله، فلا يرى إلا النار"، قال في "الفتح": وهذه الرواية مختصرةٌ، ورواية خيثمة مفسَّرة، فهي المعتمدة في ذلك. انتهى.
وقوله:"أيمن"، و"أشأم" بالنصب فيهما على الظرفية، والمراد بهما اليمين والشمال، قال ابن هبيرة -رحمه الله-: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل؛ لأن الإنسان من شأنه إذا دَهَمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالًا، يطلب الغوث.
قال الحافظ -رحمه الله-: وَيحْتَمِل أن يكون سبب الالتفات أنه يَتَرَجَّى أن يجد طريقًا يذهب فيها؛ ليحصل له النجاة من النار، فلا يرى إلا ما يُفضي به إلى النار، كما وقع في رواية مُحِلّ بن خليفة. انتهى.
(وينْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ، فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ) أي: من أعماله السيّئات (وينْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) أي: في محاذاته، ومقابل وجهه، وفي رواية البخاريّ:"ثم ينظر بين يديه، فتستقبله النار"، وفي رواية له:"ينظر تلقاء وجهه، فتستقبله النار".
قال ابن هبيرة -رحمه الله-: والسبب في ذلك أن النار تكون في مَمَرِّه، فلا يمكنه أن يحيد عنها؛ إذ لا بدّ له من المرور على الصراط. انتهى.
(فَاتَّقُوا النَّارَ) أي: احترزوا منها بالتقوى التي هي تجنّب المخالفات؛ لئلا يصيبكم، ويواقعكم عذابها (وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ") أي: اجعلوا بينكم وبينها وقاية من الصدقة، وعمل البرّ، ولو بشيء يسير.
وقال الطيبيّ -رحمه الله-: المعنى: إذا عرفتم أنه لا ينفعكم في ذلك اليوم شيء إلا الأعمال الصالحة، وأن أمامكم النار، فاجعلوا الصدقة جُنّةً بينكم وبينها، ولو بشقّ تمرة.
ونقل الطيبيّ قبل ذلك عن المظهر أن المعنى: إذا عرفتم ذلك، فاحذروا من النار، ولا تظلموا أحدًا، ولو بشقّ تمرة. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بُعد ما قاله المظهر، بل الظاهر ما قاله الطيبيّ.
وقوله:(زَادَ ابْنُ حُجْرٍ) أي عليّ بن حُجر شيخه الأول؛ أي: فهو