للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تاسعها]: المراد سَتْرُ الحقّ، والكفر لغةً: الستر؛ لأن حقّ المسلم على المسلم أن ينصره ويُعينه، فلما قاتله كأنه غطّى على حقّه الثابت له عليه.

[عاشرها]: أن الفعل المذكور يُفضي إلى الكفر؛ لأن من اعتاد الهُجُوم على كبار المعاصي جرّه شؤم ذلك إلى أشدّ منها، فيُخشى أن لا يُختَم له بخاتمة الإسلام.

قال: واستَشْكَلَ بعضُ الشرّاح غالبَ هذه الأجوبة بأنّ راوي الخبر - وهو أبو بكرة - رضي الله عنه -، فَهِم خلاف ذلك.

والجواب أن فهمه ذلك إنما يُعْرَف من توقّفه عن القتال، واحتجاجه بهذا الحديث، فيحتمل أن يكون توقّفه بطريق الإحتياط؛ لما يحتمله ظاهر اللفظ، ولا يلزم أن يكون يعتقد حقيقة كُفْر من باشر ذلك، ويؤيّده أنه لم يمتنع من الصلاة خلفهم ولا امتثال أوامرهم ولا غير ذلك، مما يدلّ على أنه لا يعتقد فيهم حقيقته. انتهى (١).

(يَضْرِبْ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ") بجزم "يَضْرِبْ" على أنه جواب النهي، وبرفعه على الإستئناف أو يُجعل حالًا، فعلى الأول يُقوّي الحمل على الكفر الحقيقيّ، ويحتاج إلى التأويل بالمستحلّ مثلًا، وعلى الثاني لا يكون متعلّقًا بما قبله، ويحتمل أن يكون متعلّقًا وجوابه ما تقدّم، قاله في "الفتح" (٢).

وقال العينيّ رحمه الله تعالى: قوله: "يَضْرِبُ" برفع الباء (٣)، وهو الصواب، وهو الرواية التي رواها المتقدّمون والمتأخّرون، وفيه وجوه:

[أحدها]: أن يكون صفة لـ "كفّارًا": أي لا ترجعوا بعدي كُفّارًا متّصفين بهذه الصفة القبيحة، يعني ضرب بعضكم رقاب بعض.

[والثاني]: أن يكون حالًا من ضمير "لا ترجعوا": أي لا ترجعوا بعدي كُفّارًا حال ضرب بعضكم رقاب بعض.


(١) "فتح" ١٤/ ٥٢١ "كتاب الفتن" حديث (٧٠٧٧).
(٢) "فتح" ١٤/ ٥٢١ حديث (٧٠٧٧).
(٣) فيه تسامحٌ، إذ الصواب بالرفع.