الاطلاع فيها على قبول الصدقة برؤيا صادقة اتفاقيّة، فمن أين يقع تعميم الحكم؟.
[فالجواب]: أن التنصيص في هذا الخبر على رجاء الاستعفاف، هو الدّالّ على تعدية الحكم، فيقتضي ارتباط القبول بهذه الأسباب. انتهى (١).
٢ - (ومنها): بيان أن شريعة من قبلنا شريعة لنا؛ إذا لم يأت في شرعنا ما يخالفه، وهذا هو القول الحقّ، وهو مذهب البخاريّ، ومسلم، والنسائيّ، حيث أوردوا حديث الباب للاحتجاج على إجزاء الزكاة إذا دُفعت لغير مستحقّها جهلًا، وسيأتي تمام البحث في المسألة الخامسة -إن شاء الله تعالى-.
٣ - (ومنها): استحباب إعادة الصدقة إذا لم يقع موقعها، وإن أجزأت.
٤ - (ومنها): أن الحكم للظاهر حتى يتبيّن سواه.
٥ - (ومنها): بركة التسليم والرضا، وذمّ التضجّر والتسخّط بالقضاء، كما قال بعض السلف: لا تقطع الخدمة، ولو ظهر لك عدم القبول.
٦ - (ومنها): فضل صدقة السرّ، وفضل الإخلاص، والله تعالى أعلم بالصواب، واليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم دفع الزكاة لغنيّ، أو نحوه، ممن لا يستحقّها على ظنّ أنه يستحقّها:
قال العلّامة ابن قُدامة -رحمه الله-: إذا أعطى من يظنّه فقيرًا، فبان غنيًّا، فعن أحمد فيه روايتان: إحداهما: يجزئه؛ أي تسقط عنه الزكاة، ولا تجب عليه الإعادة، واختارها أبو بكر، وهذا قول الحسن، وأبي عُبيد، وأبي حنيفة؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعطى الرجلين الْجَلْدَين، وقال:"إن شئتما أعطيتكما، ولا حظّ فيها لغنيّ، ولا لقويّ مكتسب"، وقال للرجل الذي سأله الصدقة:"إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقّك". ولو اعتَبَر حقيقةً لما اكتَفَى لقولهم، ثم ذكر ابن قُدامة حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور في هذا الباب.
قال: والرواية الثانية: لا يجزئه، وعليه الإعادة؛ لأنه دفع الواجب إلى غير مستحقّه، فلم يخرج من عهدته، كما لو دفعها إلى كافر، وهذا قول