للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خصلتين: أن يكون شرعنا ناسخًا لها، أو يكون في شرعنا ذكر لها، فعلينا اتباع ما كان من شرعنا، وإن كان في شرعهم مقدّمًا، واختاره ابن الحاجب، وقال ابن الرفعة في "المطلب": إن الشافعيّ نصّ عليه في "الأمّ" في "كتاب الإجارة"، وأنه أظهر القولين في "الحاوي"، وقال إمام الحرمين: للشافعيّ ميلٌ إلى هذا، وبَنَى عليه أصلًا من أصوله في "كتاب الأطعمة"، وتابعه معظم الأصحاب، وقال في "النهاية": وقد استأنس الشافعيّ لصحّة الضمان بقوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢]، فكان الْحِمْلُ في معنى الجعالة لمن ينادي في العير بالصواع، ولعلّه كان معلومًا عندهم، وتعلّق الضمان به، وقال أيضًا في "كتاب الضمان" فيمن حلف لَيَضربنّ عبده مائة سوط، فضربه بالْعِثْكَال (١): إنه يبرأ؛ لقصّه أيوب-عليه السلام-، واتفق العلماء على أن هذه الآية معمول بها في ملّتنا، والسبب فيه أن الملل لا تختلف في موجب الألفاظ، وفيما يقع بِرًّا وحنثًا، وثبت عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنه سجد في "سورة ص"، وقرأ قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، فاستنبط التشريع من هذه الآية. رواه البخاريّ، وأحمد، وسعيد بن منصور (٢).

وقال أبو بكر عبد الوهاب: إنه الذي تقتضيه أصول مالك، وكذا قال القرطبيّ: ذهب إليه معظم أصحابنا، وقال ابن العربيّ في "القبس": نصّ عليه مالك في "كتاب الديات" من "الموطأ"، ولا خلاف عنده فيه.

(الثالث): أنه لم يتعبّد فيها بأمر، ولا نهي، حكاه ابن السمعانيّ.

(الرابع): الوقف. حكاه ابن القشيريّ. انتهى كلام الزركشيّ -رحمه الله- باختصار (٣).

وقد ذكر الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطيّ -رحمه الله- في كتابه "نثر الورود، شرح مراقي السعود" عند قول الناظم:

وَلَمْ يَكُنْ مُكَلّفًا بِشَرْعِ … صلي عليه الله قَبْلَ الْوَضْعِ (٤)


(١) بالكسر، كقرطاس: الْعِذْق. اهـ. ق.
(٢) أخرجه البخاريّ في "الصحيح" في الجمعة، والأنبياء، والتفسير.
(٣) البحر المحيط ٦/ ٤١ - ٤٤.
(٤) أي قبل نزول الوحي عليه.