للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الإمام البغويّ -رحمه الله-: العمل على هذا عند عامّة العلماء أن المرأة ليس لها أن تتصدّق بشيء من مال الزوج دون إذنه، وكذلك الخادم، ويأثمان، إن فعلا ذلك، وحديث عائشة -رضي الله عنها- خارج على عادة أهل الحجاز أنهم يُطلقون الأمر للأهل، والخادم في الإنفاق، والتصدّق، مما يكون في البيت إذا حضرهم السائل، أو نزل بهم الضيف، فحضّهم على لزوم تلك العادة، كما قال -صلى الله عليه وسلم- لأسماء -رضي الله عنها-: "لا توعي، فيوعي الله عليك"، وعلى هذا يُخرّج ما روي عن عُمير مولى آبي اللحم، قال: كنت مملوكًا، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتصدّق من مال مواليّ بشيء؟، قال: "نعم، والأجر بينهما نصفان" (١). انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قال ابن العربيّ: اختَلَفَ السلفُ فيما إذا تصدّقت المرأة من بيت زوجها، فمنهم من أجازه، لكن في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له، ولا يظهر به النقصان.

ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج، ولو بطريق الإجمال، وهو اختيار البخاريّ، ولذا قيّد الترجمة بالأمر به، حيث قال: "باب أجر الخادم؛ إذا تصدّق بأمر صاحبه، غير مفسد"، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك محمولًا على العادة، وأما التقييد بغير الإفساد فمتّفقٌ عليه.

ومنهم من قال: المراد بنفقة المرأة، والعبد، والخازن النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه، وليس ذلك بأن يفتئتوا على ربّ البيت بالإنفاق على الفقراء بغير إذن.

ومنهم من فرّق بين المرأة والخادم، فقال: المرأة لها حقّ في مال الزوج، والنظرِ في بيتها، فجاز لها أن تتصدّق، بخلاف الخادم، فليس له تصرّف في متاع مولاه، فيمثشرط الإذن فيه.

وهو متعقّبٌ بأن المرأة إذا استوفت حقّها، فتصدّقت منه، فقد تخصّصت به، وإن تصدّقت من غير حقّها رجعت المسألة كما كانت، والله أعلم. انتهى (٣).


(١) سيأتي للمصنّف في الباب التالي -إن شاء الله تعالى-.
(٢) راجع: "شرح السنّة" ٦/ ٢٠٥.
(٣) راجع: "الفتح" ٤/ ٥٦.