للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة" بعد ذكر ما تقدّم، ما نصّه: وأما عند الداعي للدخول عليها للضرورة، كالإذن لشخص في دخول موضع من حقوق الدار التي هي فيها، أو إلى دار منفردة عن مسكنها، أو الإذن لدخول موضع مُعَدّ للضيفان فلا حرج عليها في الإذن بذلك؛ لأن الضرورات مستثناة في الشرع. انتهى (١).

وقال النوويّ -رحمه الله-: في هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يُفتات على الزوج بالإذن في بيته إلا بإذنه، وهو محمول على ما لا تعلم رضا الزوج به، أما لو علمت رضا الزوج بذلك، فلا حرج عليها، كمن جرت عادته بإدخال الضيفان موضعًا مُعَدًّا لهم، سواء كان حاضرًا أم غائبًا، فلا يفتقر إدخالهم إلى إذن خاصّ لذلك، وحاصله أنه لا بُدّ من اعتبار إذنه تفصيلًا أو إجمالًا. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله النوويّ -رحمه الله- تحقيقٌ حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي الصريح، قال في "الفتح": وهل يقوم ما يقترن به علامةُ رضاه مقام التصريح بالرضا؟ فيه نظرٌ. انتهى.

(وَمَا) موصولة مبتدأ (أَنْفَقَتْ) حُذف منه العائد؛ أي الذي أنفقته المرأة (مِنْ كَسْبِهِ) أي مما كسبه الزوج (مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ) قال النوويّ -رحمه الله-: معناه: من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعيَّن، ولا ينفي ذلك وجود إذن سابق عامّ يتناول هذا القدر وغيره، إما بالصريح، وإما بالعرف، قال: ويتعيّن هذا التأويل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- جعل الأجر بينهما نصفين، ومعلوم أنها إذا أنفقت من ماله بغير إذنه لا الصريح، ولا المأخوذ من العرف، لا يكون لها أجرٌ، بل عليها وزرٌ، فيتعين تأويله.

قال: واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يُعْلَم رضا المالك به عرفًا، فإن زاد على ذلك لم يجز، ويؤيده قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة -رضي الله عنها- السابق: "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة … "، فأشار -صلى الله عليه وسلم- إلى أنه قدرٌ يُعْلَم رضا الزوج به في العادة، قال: ونبّه بالطعام أيضًا على ذلك؛ لأنه مما يُسْمَح به عادةً، بخلافّ النقدين في حقّ كثير من الناس، وكثير من الأحوال.


(١) "عمدة القاري" ٢٠/ ١٨٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ١١٥.