للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقةُ على عيال صاحب المال، وغلمانه، ومصالحه، وقاصديه من ضيف، وابن سبيل، ونحوهما، وكذلك صدقاتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف، والله أعلم. انتهى (١).

(فَإِن نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ") أي والنصف الآخر لها، قال وليّ الدين -رحمه الله-: ويدلّ لذلك قوله في رواية أبي داود: "فلها نصف أجره"، فحَصَل من مجموع الروايتين أنه بينهما نصفين، ويوافق ذلك ما في "صحيح مسلم" عن عُمير مولى آبي اللحم -رضي الله عنهما- قال: "كنت مملوكًا، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أتصدق من مال مواقي بشيء؟ قال: "نعم، والأجر بينكما نصفان".

قال: وهذه المناصفة المذكورة في هذين الحديثين ليست على حقيقتها وظاهرها، بل المراد أن لهذا ثوابًا ولهذا ثوابًا، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواءً، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، وقوله هنا: "نصفان" معناه قسمان، وإن كان أحدهما أكثر، كما قال الشاعر [من الطويل]:

إِذَا مُتُّ كَانَ النَاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ … وَآخَرُ مُثْنٍ بِالَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ

فإذا أعطى المالك لخازنه، أو امرأته، أو غيرهما مائة درهم، أو نحوها ليوصلها إلى مستحقّ الصدقة على باب داره أو نحوه، فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رُمّانةً، أو رغيفًا، ونحوهما حيث ليس له كبير قيمة؛ ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة، بحيث يقابل مشي الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف، فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلًا فيكون مقدار الأجر سواءً، ذكر ذلك النوويّ، ثم قال: وأشار القاضي إلى أنه يَحْتَمِل أيضًا أن يكونا سواءً؛ لأن الأجر فضل من الله تعالى، ولا يُدْرَك بقياس، ولا هو بحسب الأعمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

قال النوويّ: والمختار الأول.

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن ما قاله عياض: -رحمه الله- وجيهٌ، حيث يدلّ له ظاهر النصّ، فتأمله، والله تعالى أعلم.


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٧/ ١١٢ - ١١٣.