وقال القاضي أبو بكر ابن العربيّ: المعنى بالمناصفة هاهنا أنهما سواء في المثوبة، كل واحد منهما له أجر كاملٌ، وهما اثنان، فكأنهما نصفان. انتهى.
وقال الحافظ العراقيّ -رحمه الله- في "شرح الترمذيّ": ويدل عليه قوله في بقية حديث عائشة -رضي الله عنها-: "لا ينقص كلُّ واحد منهما من أجر صاحبه شيئًا". انتهى (١).
قال الجامح عفا الله عنه: حمل المناصفة على حقيقة النصف هو الأظهر، فيكون حديث عائشة -رضي الله عنها- محمولًا على ما إذا أنفقت بإذن الزوج، وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- على ما إذا أنفقت بدون إذنه، كما هو صريح قوله:"من أمره"، وتقدّم تقريره، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: وقع في رواية للبخاريّ بلفظ: "فإنه يؤدَّى إليه شطره"؛ أي نصف الأجر، قال في "الفتح": وأغرب الخطابيّ، فحَمَل قوله:"يؤدى إليه شطره " على المال المنفَقِ، وأنه يلزم المرأة إذا أنفقت بغير أمر زوجها زيادةً على الواجب لها أن تَغْرَم القدر الزائد، وأن هذا هو المراد بالشطر في الخبر؛ لأن الشطر يُطْلَق على النصف، وعلى الجزء، قال: ونفقتها معاوضةٌ، فتقدَّر بما يوازيها من الفرض، وترُدُّ الفضل عن مقدار الواجب، وإنما جاز لها في قدر الواجب؛ لقصة هند:"خذي من ماله بالمعروف". انتهى.
ويرد عليه رواية المصنف بلفظ:"فإن نصف أجره له"، قال الحافظ: وقد استَشْعَر الإيرادَ، فحَمَل الحديث الآخر على معنى آخر، وجعلهما حديثين مختلفي الدلالة، والحقّ أنهما حديث واحدٌ رُوِيا بألفاظ مختلفة.
ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالتنصيف في حديث الباب الحملُ على المال الذي يُعطيه الرجل في نفقة المرأة، فإذا أنفقت منه بغير علمه، كان الأجر بينهما، للرجل لكونه الأصل في اكتسابه، ولكونه يؤجر على ما ينفقه على أهله، كما ثبت من حديث سعد بن أبي وقاص وغيره، وللمرأة؛ لكونه من النفقة التي تختص بها، قال الحافظ -رحمه الله-: ويؤيد هذا الحمل ما أخرجه أبو داود عقب حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا قال في المرأة تصدّق من بيت زوجها،