للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعناه؛ لأنه مشتق من الرّيّ الكثير الذي هو ضدّ العطش، وسُمِّي بذلك؛ لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، واكتَفَى بذكر الريّ عن الشِّبَعِ؛ لأنه يدل عليه من حيث إنه يستلزمه، وأُفرد لهم هذا الباب؛ إكرامًا لهم واختصاصًا، وليكون دخولهم الجنة غير متزاحمين، فإن الزحام قد يؤدي إلى العطش. انتهى (١).

وقال القاري: أي من باب الصيام المسمى بباب الرّيّان ضدّ العطشان، قيل: وهو باب يُسْقَى الصائم فيه شرابًا طهورًا قبل وصوله إلى وسط الجنة؛ ليزول عطشه، وقال الطيبيّ: إن كان اسمًا للباب فلا كلام، وإلا فهو من الرُّواء بضم الراء، وهو الماء الذي يُرْوِي، يقال: رَوِيَ يَرْوَى فهو رَيّان؛ أي الصائم بتعطشه في الدنيا يدخل من باب الريّان؛ ليأمن العطش. انتهى (٢).

[تنبيه]: وقع في هذا الحديث ذكر أربعة أبواب من أبواب الجنّة، وقد ثبت في "الصحيحين"، وغيرهما أن أبواب الجنّة ثمانية، قال الحافظ -رحمه الله-: وبقي من الأركان الحجّ، فله باب بلا شكّ، وأما الثلاثة الأخرى:

(فمنها): "باب الكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس"، رواه أحمد بن حنبل، عن رَوْح بن عُبادة، عن أشعث، عن الحسن، مرسلًا: "إن لله بابًا في الجنّة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة".

(ومنها): الباب الأيمن، وهو باب المتوكّلين، الذي يدخل منه من لا حساب عليه، ولا عذاب.

وأما الثالث، فلعلّه باب الذكر، فإن عند الترمذيّ ما يومئ إليه، وَيحْتَمِل أن يكون باب العلم، والله أعلم، وَيحْتَمِل أن يكون بالأبواب التي يُدعى منها أبوابٌ من داخل أبواب الجنّة الأصليّة؛ لأن الأعمال الصالحة أكثر عددًا من ثمانية، والله أعلم. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال الأخير هو الأقرب عندي، والله تعالى أعلم.

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدَيقُ) -رضي الله عنه- (يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلَى أَحَدٍ) "ما" نافيةٌ،


(١) "عمدة القاري" ١٠/ ٢٦٢.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٣٤٢.