للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيحْتَمِلُ أن تكون بمعنى "في"، كما قد تكون "في" بمعنى الباء في مثل قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: ٢١٠]. انتهى (١).

(وَ) الثالث (رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ) أي يحبّ الكون فيها للصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، وهذا إنما يكون ممن استغرقه حبّ الصلاة، والمحافظة عليها، وشُغِف بها (٢).

قال في "الفتح": وظاهره أنه من التعليق، كأنه شبّهه بالشيء المعلَّق في المسجد، كالقنديل مثلا؛ إشارةً إلى طول الملازمة بقلبه، وإن كان جسده خارجًا عنه، ويدل عليه رواية الجوزقي: "كأنما قلبه معلق في المسجد"، وَيحْتَمِل أن يكون من العَلاقة، وهي شدّة الحب، ويدل عليه رواية أحمد: "معلق بالمساجد"، وكذا رواية سلمان: "من حبها"، ولفظ الحموي والمستملي: "مُتَعَلِّق" بزيادة مثناة بعد الميم، وكسر اللام، زاد سلمان: "من حبها"، وزاد مالك في روايته التالية: "إذا خرج منه حتى يعود إليه".

(وَ) الرابع (رَجُلَانِ تَحَابَّا) بتشديد الباء، وأصله تحاببا: أي اشتركا في جنس المحبة، وأحبّ كل منهما الآخر حقيقةً، لا إظهارًا فقط، ووقع في رواية حماد بن زيد: "ورجلان قال كل منهما للآخر: إني أحبك في الله، فصدرا على ذلك"، ونحوه في حديث سلمان.

(فِي اللهِ) أي لأجل الله عز وجل، لا لغرض دنيويّ، وكلمة "في" سببيّة.

(اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ) أي على الحب المذكور، والمراد أنهما داما على المحبة الدينية، ولم يقطعاها بعارض دنيويّ، سواءٌ اجتمعا حقيقةً، أم لا، حتى فرّق بينهما الموت، قاله في "الفتح".

وقال القرطبيّ: أي داما على المحبّة الصادقة الدينيّة المبرّأة عن الأغراض الدنيويّة، ولم يقطعاها بعارض في حال اجتماعهما، ولا حال افتراقهما. انتهى (٣).


(١) "المفهم" ٣/ ٧٥.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٦.
(٣) "المفهم" ٣/ ٧٦.